التعريف بكتاب نفائس التدبر
مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي خصه بالقرآن المبين، أعظم المعجزات، و أكبر الآيات البينات، وصلى الله على من أنزله عليه وعلى آله وصحابته الكرام، ومن سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين.
وبعد
أنزل الله تعالى كتابه العظيم هاديا للناس لطريق السداد ، وكافيا لمصالح العباد، قال تعالى في محكم التنزيل : [قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ] [المائدة:15] أي : طرق النجاة والسلامة، ومناهج الاستقامة، وقال تعالى: [ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ] [سورة ص:29 ]
فهو نورٌ نهتدي به إذا أظلمت بنا السبل ، وسورٌ نتحصن به عند نزول المحذور ، وضياء تستمده البصائر، فلا تزيغ عن الحق و لا تجور.
ضرب الله فيه الأمثال قال تعالى: [ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون]) سورة الزمر : 27 28 ]
هو مِفتاح العلوم والمعارفِ، وبه يزداد الإيمان في القلب ، ويعرِّف به الربِّ المعبود، وما له من صفات الكمال; وما ينزه عنه من سمات النقص، ويعرِّف الطريق الموصلة ، وكلما ازداد العبد تأملا فيه ازداد علما وعملا وبصيرة.
والكتاب الذي بين أيدينا هو مقتطفات ونفائس من باقة خدمة جوال ( شفيع) في تدبر القرآن الكريم، والتي انطلقت بفضل من الله تعالى عام 1429 هـ ، وقد اشتملت على عدة باقات أبرزهما ( العامة، والتخصصية)، أردت أن إخراجها على صورة سلسلة متتابعة.
وقد بدأت بالرسائل العامة التي تناسب عموم المسلمين، من باب بلغوا عني ولو أية ، وعرضتها بحسب الموضوعات، فهي أوفق للاستفادة منها بحسب الحاجة والموضوع ، ثم الرسائل التخصصية، وعرضتها بحسب المهارات، مراعيا التدرج في الطرح ليصل إلى عمق التدبر، بفنونه المختلفة.
ويشتمل الكتاب على ما يلي :
أولا : اختيارات لكبار المفسرين، كالطبري، والبغوي، وابن تيمية وابن القيم، وابن كثير، والشوكاني، واللشنقيطي، والسعدي، وفق منهج أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية مع ملاحظة أنه قد يوجد بعص التصرف اليسير عند النقل ليناسب الهدف الذي من أجله أعدت هذه النفائس كرسائل تذكيرية هادفة مبسطة.
ثانيا: مفاتيح وتطبيقات عملية في تدبر القرآن ، كأسباب النزول ، والوجوه والنظائر، والخاص والعام ، والمطلق والمقيد ، والناسخ والمنسوخ ، وتأمل وتفكر، ومهارة الاستدلال، ومهارات بلاغية ولغوية، وغيرها من الفنون والعلوم التي تساعد المتدبر في الوقوف على درر ونفائس القرآن الكريم.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدرونا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، وأن يغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب. وكتبه
أبو عبد الرحمن جمال القرش
أولاً: مقدمة عن
فضائل القرآن وتدبره
1- من فضائل القرآن الكريم
1. عن عمر بن الخطاب t قال: قال صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ ))
4. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال (( لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْءانَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَار))
5. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم : ((الْمَاهِرُ بِالْقُرْءانِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْءانَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ))، أي : أجر القراءة وأجر المشقة، أما الماهر بالقرآن فهو أرفع درجات وأعظم أجرًا لأنه يكون مع الملائكة السفرة الكرام .
2- منزلة تدبر القرآن الكريم
* قال تعالى: [كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ] [ص:29]
قال الشنقيطي: أنزل الله هذا الكتاب، معظماً نفسه، بصيغة الجمع، وأنه كتاب مبارك وأن من حكم إنزاله، أن يتدبر الناس آياته، أي يتفهموها ويتعقلوها ويمعنوا النظر فيها، حتى يفهموا ما فيها من أنواع الهدى.
1. قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به ].
2. قال ابن أبي مليكة: سافرت مع ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفا حرفا ثم يبكي حتى نسمع له نشيجا.
3. قال ابن القيم: هذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصبح قال محمد بن كعب القرظي: [لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ [إذا زلزلت] و [القارعة] لا أزيد عليهما أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً. أو قال: أنثره نثراً ].
3-التحذير من هجر القرآن
* قال تعالى: [وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا] [الفرقان:30].
قال ابن كثير: [وترك تدبره وتفهمه من هجرانه].
قال ابن القيم: [ هجر القرآن أنواع... الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه ].
* قوله تعالى: [أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا]. [محمد:24].
قال الشنقيطي: التقدير: أيعرضون عن كتاب الله فلا يتدبرون القرآن، وقوله تعالى: [أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] فيه منقطعة بمعنى بل، فقد أنكر تعالى عليهم إعراضهم عن تدبر القرآن، بأداة الإنكار التي هي الهمزة، وبين أن قلوبهم عليها أقفال لا تنفتح لخير، ولا لفهم قرآن.
* قال اللّه تعالى : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ] [ البقرة : 74 ]
قال شيخ الإسلام: وهذا حال الظالم لنفسه الذي هو قاسي القلب، لا يلين للسماع والذكر، وهؤلاء فيهم شبه من اليهود كما في الآية.
4-حال المؤمنين عند سماع القرآن
* قال تعالى : [ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ] [الأنفال: 2]
قال شيخ الإسلام: هذا أمر يجده المؤمن إذا تليت عليه الآيات، زاد في قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانيه من علم الإيمان ما لم يكن، حتى كأنه لم يسمع الآية إلا حينئذ، ويحصل في قلبه من الرغبة في الخير والرهبة من الشر ما لم يكن، فزاد علمه باللّه ومحبته لطاعته، وهذه زيادة الإيمان. ] مجموع الفتاوى] (جـ7/ص288)
* قال تعالى: [وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ] [المائدة:83].
قال السعدي: [إذا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ] محمد صلى الله عليه وسلم، أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا له، وفاضت أعينهم بسبب ما سمعوا من الحق الذي تيقنوه، فلذلك آمنوا وأقروا به فقالوا: [رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ] وهم أمة محمد ×، يشهدون لله بالتوحيد. ]تفسيرالسعدي] (ص242)
قال تعالى:[وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ] [الحج 34-35]
قال ابن القيم : ذكر الله القلب المخبت المطمئن إليه وهو الذي ينتفع بالقرآن ويزكو به قال الكلبي: [فتخبت له قلوبهم] فترق للقرآن قلوبهم. ]شفاء العليل] (ص106)
5-ما يتضمنه الإيمان بالقرآن
ا- شمول الشريعة التي جاء بها لعموم الثقلين لا يسع أحدًا منهم إلا الإيمان بها قال تعالى: [تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا] [الفرقان:1]
2 - نسخ القرآن الكريم لجميع الكتب قال تعالى: [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ] [آل عمران: 85].
3– هو الكتاب الوحيد من بين الكتب الإلهية الذي تكفل الله بحفظ لفظه ومعناه من أن يتطرق إليه التحريف اللفظي أو المعنوي، قال تعالى: [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] [الحجر:9]
4- أن القرآن الكريم مشتمل على المعجزة العظمى وحجة الله البالغة الباقية التي أيد بها نبيه × وأتباعه إلى قيام الساعة قال تعالى: [قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ] [الإسراء: 88].
5– بين الله تعالى في القرآن كل شيء مما يحتاج له الناس في أمر دينهم، ودنياهم، ومعاشهم، ومعادهم، قال تعالى: [وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ] [النحل: 89].
6- أن القرآن هو آخر كتب الله نزولا وخاتمها والشاهد عليها، قال تعالى: [نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ] [آل عمران:3،4]
7- تحرم المجادلة في القرآن الكريم بغير علم، عن عمرو بن شعيبٍ عن أبِيهِ عن جدهِ قال: « سمع النبي ×قوما يتدارؤون في القرآنِ فقال: ((إنما هلك من كان قبلكم بهذا؛ ضربوا كتاب اللَّه بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب اللَّه يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه بِبعضٍ، فما علمتم منه فقولوا، وما جهِلتم فكِلوه إلى عالمه ».
8– نزل على نبينا محمد × منجما، أي مُفَرقا حسب الوقائع، أَو حسب مقتضيات الأَحوال في ثلاثٍ وعشرينَ سنة.
9- كُتِبَ القرآن في عهد النبي × وبمرأى منه؛ حيث كان للوحي كَتَبَة من خيرة الصحابة-رضي الله عنهم- يكتبون كل ما نَزَلَ من القرآن وبأَمر من النبي × ثم جُمِعَ في عهد أَبي بكر، ثم في عهد عثمان رضي الله تعالى عنهم أَجمعين.
10- ولا يجوِّزونَ تفسير القرآن بالرأي المجرَّد فإِنَّه من القول على الله بغير علم ومن عمل الشيطان، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلاتَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ()إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاتَعْلَمُونَ][البقرة:168-169]، ويفسر القرآن بالقرآن، ثمَّ بالسُّنَّة ، ثمَّ بأَقوال الصَّحابة، ثمَّ بأَقوال التابعين، ثمَّ باللغة العربية التي نزل بها القرآن.
11- والقرآن الكريم: يحتوي على (114) سورة (86) منها نزلت في مكة، و (28) منها نزلت في المدينة، وتسمى السور التي نزلت في مكة بالسور المكية، والتي نزلت في المدينة بالمدنية.
6-من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم
1- وقع التحدي للإنس والجن على أن يأتوا بمثله أو بعضه على مراتب:
الأولى: تحداهم الله على أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا، قال تعالى: [فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ] [الطور:33،34].
الثانية: تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله، قال تعالى: [قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] [هود:13].
الثالثة: تحداهم أن يأتوا بسورة منه فما استطاعوا، قال تعالى: [قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] [يونس: 38].
2- أنه معجز من جهة ما تضمنه من أحكام وتشريعات تطبيقها يحقق السعادة في الدارين حيث أنزل في هذا القرآن كل علم قال تعالى: [مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] [الأنعام: 38].
3 – يسره الله للمتذكر والمتدبر، قال تعالى: [وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ] [القمر:17].
4- اشتمالُ القرآنِ على أخبار الرسل والأمم الماضية وتفصيل ذلك بشكل لم يسبق إليه كتاب قبله قال تعالى: [كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا] [طه:99].
5ـ اشتمل على كثيرٍ من الأغراضِ، مثل: القصصِ، والمواعظِ، والحِكَمِ، والإعذارِ، والإنذارِ، والأحكامِ.
6 – أن القرآن تضمن خلاصة شرائع الكتب السابقة، قال تعالى: [شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ] [الشورى: 13].
7- أن القرآن الكريم معجز بما تضمنه من أخبار عن الأمور الغيبية الماضية والمستقبلة، ووقائع الأمم المتقدمة، قال تعالى: [تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا] [هود:49]، وقال تعالى: [الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ] [الروم:1-4] يقرر الله في هذه الآيات التي نزلت بعد هزيمة الروم أمام الفرس أن العاقبة سوف تكون للروم مرة أخرى بعد بضع سنين في إعجاز غيبي تحقق كما وعد الله عزوجل به.
- نظمُ القرآنِ ككُلٍّ خارجٌ عن المألوفِ من كلامِ العربِ كالشعرِ والنثرِ وفصاحةُ الألفاظِ، وقوةُ المعاني، وكثرةُ الحِكَمِ، مع عدمِ التفاوتِ والاختلافِ، مما لا يُعرَفُ في أسلوبِ أحدٍ من البشرِ، قال تعالى: [أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا] [النساء:82].
قال الوليد بن المغيرة وهو من ألد أعداء الرسول: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر.
ثانياً: نفائس
من الباقة (العامة)
1-عظمة الله جل جلاله
* قال تعالى: [اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ] [البقرة255] صفة الحياة متضمِّنةٌ لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها، وصفة القَيُّومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسمُ الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سُئِلَ به أعطى: هو اسمُ الحي القَيُّوم، والحياة التامة تُضاد جميعَ الأسقام والآلام . ]زاد المعاد] (جـ4/ص204)
* قال تعالى: [وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ] [الجاثية: 37] وله وحده سبحانه العظمة، والجلال والكبرياء، والسلطان والقدرة، والكمال في السموات والأرض, [وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] وهو العزيز الذي لا يغالب, الحكيم في أقواله وأفعاله وقدره وشرعه. ]التفسير الميسر] (جـ9/ص127)
* قال تعالى: [اللهُّ] يا محمد هو [الذِّي رَفَع السَّمَاوات] السبع [بغَير عَمَدٍ تَروْنَها] [الرعد:2] فجعلها للأرض سقفا مسموكا، قال بعضهم: بعمد لا ترونها، وقال آخرون: بل هي مرفوعة بغير عمد، وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال كما قال الله تعالى: [ الذِّي رَفَع السَّمَاوات بغَير عَمَدٍ تَروْنَها ] فهي مرفوعة بغير عمد نراها كما قال ربنا جل ثناؤه ولا خبر بغير ذلك ولا حجة يجب التسليم لها بقول سواه. ]تفسير الطبري] (جـ16/ص322)
* قال تعالى: [سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ] [الزمر: 4] أي تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد، فإنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي كل عبد لديه، فقير إليه، وهو الغني عما سواه، الذي قد قهر الأشياء فدانت وذلت وخضعت تبارك وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًا كبيرًا. ]تفسير ابن كثير] (جـ7/ص85)
* قوله تعالى: [كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ][الرحمن: 26] ما تضمنته هذه الآية الكريمة من فناء كل من على الأرض وبقاء وجهه جل وعلا المتصف بالجلال والإكرام، جاء موضحًا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: [كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ] [القصص: 88]، وقوله تعالى: [وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ] [الفرقان: 58], وقوله تعالى: [كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ] [آل عمران: 185] إلى غير ذلك من الآيات، والوجه صفة من صفات الله العلي وصف بها نفسه، فعلينا أن نصدق ربنا ونؤمن بما وصف به نفسه مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق. ]أضواء البيان] (جـ7/ص501)
* قال تعالى: [ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ] [الرعد: 13] [وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ] هو الصوت الذي يسمع من السحاب ،المزعج للعباد, فهو خاضع لربه, مسبح بحمده، وتسبح [الْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ] خشعا لربهم, خائفين من سطوته [وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ] وهي هذه النار, التي تخرج من السحاب [فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ] من عباده [وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ] أي: شديد الحول والقوة, فلا يريد شيئا إلا فعله, ولا يتعاصى عليه شيء, ولا يفوته هارب. ]تفسير السعدي] (ص 414)
* قال تعالى: [هُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ] [الأنعام: 61] الله هو القاهر فوق عباده, فوقية مطلقة من كل وجه, تليق بجلاله، كل شيء خاضع لجلاله وعظمته, ويرسل على عباده ملائكة, يحفظون أعمالهم ويُحْصونها, حتى إذا نزل الموت بأحدهم قبض روحَه مَلكُ الموت وأعوانه, وهم لا يضيعون ما أُمروا به. ]التفسير الميسر] (جـ2/ص356)
2-تبارك الله رب العالمين
* قال تعالى: [تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ] [الأعراف:54] أي: جاء بكل بركة وقيل: تقدس، والقدس: الطهارة، وقال المحققون: معنى هذه [الصفة] ثبت ودام بما لم يزل ولا يزال، وأصل البركة الثبوت، ويقال: تبارك لله ولا يقال: متبارك ولا مبارك، لأنه لم يرد به التوقيف . ]تفسير البغوي] (جـ3/ص236)
* قال تعالى: [ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ] [الأعراف:54] سأل رجل مالك بن أنس عن قوله: [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] [طه:5] كيف استوى؟ فأطرق رأسه مليًا وعلاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ،والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالا ثم أمر به فأخرج .
* قال تعالى: [ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ] [الحج: 62] الذي لا يزال ولا يزول, الأول, الذي ليس قبله شيء, والآخر, الذي ليس بعده شيء, كامل الأسماء والصفات, صادق الوعد, الذي وعده حق، ولقاؤه حق, ودينه حق, وعبادته هي الحق النافعة الباقية على الدوام [وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ] من الأنداد, [هُوَ الْبَاطِلُ] ]تفسير السعدي] (ص543)
* قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] [الحج: 74] كامل القوة, كامل العزة، ومن كمال قوته وعزته, أن نواصي الخلق بيديه, وأنه لا يتحرك متحرك, ولا يسكن ساكن, إلا بإرادته ومشيئته, فما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن. ]تفسير السعدي] (ص546)
* قال تعالى: [إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء] [آل عمران: 5] قال ابن الجوزي: نظرت في الأدلة على الحق سبحانه فوجدتها أكثر من الرمل، ورأيت من أعجبها أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله، فيظهره الله عليه وحده ولو بعد حين، وينطق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس ] صيد الخاطر] (ص67)
* قال تعالى: [سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ] [الرعد: 10] يستوي في علمه تعالى مَن أخفى القول منكم ومَن جهر به, ويستوي عنده مَن استتر بأعماله في ظلمة الليل, ومن جهر بها في وضح النهار. ]التفسير الميسر] (جـ4/ص222)
* قال تعالى: [اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ] [النور: 35] الله بذاته, نور, وحجابه نور, الذي لو كشفه, لأحرقت سبحات وجهه, ما انتهى إليه بصره من خلقه، وبه استنار العرش, والكرسي, والشمس, والقمر والنور, وبه استنارت الجنة، فكتابه نور, وشرعه نور, والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين, نور. ]تفسير السعدي] (ص568)
قال تعالى: [نورٌ عَلَى نُورٍ] [النور: 35] هو نور من إشراق الزيت على نور من إشعال النار، فذلك مثل الهدى يضيء في قلب المؤمن، ولما كان هذا من نور الله, وليس كل أحد يصلح له ذلك [يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ] الله يوفق لاتباع القرآن من يشاء من عباده . ]التفسير الميسر] (جـ6/ص239)
3-عالم الغيب والشهادة
* قال تعالى: [وعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ] [الأنعام: 59] وعند الله مفاتح الغيب، أي خزائن الغيب, لا يعلمها إلا هو, ومنها: علم الساعة, ونزول الغيث, وما في الأرحام, والكسب في المستقبل، ومكان موت الإنسان، ويعلم كل ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة من نبتة إلا يعلمها، فكل حبة في خفايا الأرض، وكل رطب ويابس، مثبت في كتاب واضح لا لَبْس فيه, وهو اللوح المحفوظ. ]التفسير الميسر] (جـ2/ص354)
قال تعالى: [هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ] [الحشر:22] هو الله المعبود بحق الذي لا إله سواه, عالم السر والعلن, يعلم ما غاب وما حضر, هو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء, الرحيم بأهل الإيمان به . ]التفسير الميسر] (جـ10/ص97)
قال تعالى: [وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرا] [هود:31] تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ: أي تستقلهم، وتستهين بهم، والمعنى: ولا أقول لكم إني أملك التصرف في خزائن الله, ولا أعلم الغيب, ولست بمَلَك من الملائكة, ولا أقول لهؤلاء الذين تحتقرون من ضعفاء المؤمنين لن يؤتيكم الله ثوابًا على أعمالكم, فالله وحده أعلم بما في صدورهم وقلوبهم, ولئن فعلتُ ذلك إني إذًا لمن الظالمين. ]التفسير الميسر] (جـ4/ص12)
4- بيده ملكوت كل شيء
* قال تعالى: [قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ] [المؤمنون: 88] مَلَكَ كل شيء, من العالم العلوي, والعالم السفلي, ما نبصره, وما لا نبصره. والملكوت صيغة مبالغة, بمعنى الملك [وَهُوَ يُجِيرُ] عباده من الشر, ويدفع عنهم المكاره, ويحفظهم مما يضرهم [وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ] لا يقدر أحد أن يجير على الله, ولا يدفع الشر الذي قدره الله، بل ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون. ]تفسير السعدي] (ص 557)
* قال تعالى: [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء...] [آل عمران: 26] يعنى يا مالك العباد وما ملكوا وقيل: يا مالك السموات والأرض: [تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء] يعني ملك النبوة، وقيل: تؤتي الملك من تشاء محمدًا وأصحابه [وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء] أبي جهل وصناديد قريش وقيل: في قوله تعالى: [وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء] فارس والروم. ]تفسير البغوي] (جـ2/ص23)
* قال تعالى: [بِيَدِكَ الْخَيْرُ * إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ] [آل عمران: 26] لا بيد غيره، وذكر الخير دون الشر، لأن الخير بفضل محض بخلاف الشر، فإنه يكون جزاء لعمل وصل إليه، وقيل: إنه حذف كما حذف في قوله: [سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ] [النحل: 81] وقيل خص الخير: لأن المقام مقام دعاء. [إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] تعليل لما سبق وتحقيق له. ]فتح القدير](جـ1/ص499)
* قال تعالى: [وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ][الحديد: 29] ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الفضل بيد الله وحده وأنه يؤتيه من يشاء جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى: [وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ] [يونس: 107]. وكما في قوله تعالى: [مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ] [فاطر: 2]. ]أضواء البيان] (جـ8/ص156)
* قال تعالى: [وَالَّذِي هُوَ يطعمني وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ] [الشعراء: 79-82] الله وحده المنفرد بذلك, فيجب أن يفرد بالعبادة والطاعة, فلا يخلق, ولا يهدي, ولا يمرض, ولا يشفي, ولا يطعم ولا يسقي, ولا يميت, ولا يحيي, ولا ينفع, ولا يغفر الذنوب إلا الله . ]تفسير السعدي] (ص 592)
قال تعالى : [ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ]الملك20، [أم من] مبتدأ [هذا] خبره [الذي] بدل من هذا [هو جند] أعوان [لكم] صلة الذي [ينصركم] صفة جند [من دون الرحمن] أي غيره يدفع عنكم عذابه أي لا ناصر لكم [إن] ما [الكافرون إلا في غرور] غرهم الشيطان بأن العذاب لا ينزل بهم . ]تفسير الجلالين] (ص 765)
5-من دلائل قدرة الله
* قال تعالى: [وسَخَّرَ الشمسَ والقمَر] [الرعد:2] وأجرى الشمس والقمر في السماء فسخرهما فيها لمصالح خلقه وذللهما لمنافعهم ليعلموا بجريهما فيها عدد السنين والحساب ويفصلوا به بين الليل والنهار[كل يجري] كل ذلك يجري في السماء [لأجلٍ مسمى] لوقت معلوم وذلك إلى فناء الدنيا وقيام القيامة التي عندها تكور الشمس ويخسف القمر وتنكدر النجوم. ]تفسير الطبري] (جـ16/ص326)
* قال تعالى: [وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ] [الإسراء: 12] لما كانت البروج اثني عشر فمتى تكرر الهلال اثني عشر مرة فقد انتقل فيها كلها فصار ذلك سنة كاملة تعلقت به أحكام ديننا من المؤقتات شرعا أو شرطا إما بأصل الشرع كالصيام والحج وإما بسبب من العبد كالعدة ومدة الإيلاء وصوم الكفارة والنذر وإما بالشرط كالأجل في الدين والخيار والأيمان وغير ذلك. ]دقائق التفسير] (جـ2/ص219)
* قال تعالى: [وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ] [الرعد: 13] ويسبِّح الرعد بحمد الله تسبيحًا يدل على خضوعه لربه, وتنزِّه الملائكة ربها مِن خوفها من الله, ويرسل الله الصواعق المهلكة فيهلك بها مَن يشاء من خلقه, والكفار يجادلون في وحدانية الله وقدرته على البعث, وهو شديد الحول والقوة والبطش بمن عصاه. ]التفسير الميسر] (جـ4/ص225)
6-وما قدروا الله حق قدره
* قال تعالى: [وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ] [الزمر: 67] ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره، ثم أخبر عن عظمته فقال: [وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] [الزمر:67] روي عن النبي عليه السلام قال: [يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟] . ]تفسير البغوي] (جـ7/ص130)
* قال تعالى: [ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً] [الإنسان: 1] اعلم أن سورة هل أتى على الإنسان سورة عجيبة الشأن من سور القرآن على اختصارها فإن الله سبحانه ابتدأها بذكر كيفية خلق الإنسان من النطفة ذات الأمشاج والأخلاط التي لم يزل بقدرته ولطفه وحكمته يصرفه عليها أطوارا وينقله من حال إلى حال إلى أن تمت خلقته وكملت صورته فأخرجه إنسانا سويا سميعا بصيرا ثم لما تكامل تمييزه وإدراكه هداه طريقي الخير والشر والهدى والضلال وأنه بعد هذه الهداية إما أن يشكر ربه وإما أن يكفره ثم ذكر مآل أهل الشكر والكفر وما أعد لهؤلاء وهؤلاء وبدأ أولا بذكر عاقبة أهل الكفر ثم عاقبة أهل الشكر وفي آخر السورة ذكر أولا أهل الرحمة ثم أهل العذاب. ]دقائق التفسير] (جـ3/ص21)
* ينبغي لمن رأى نفسه تسكن للخلق، وتتعرض بالدناءة من الأخلاق أن يعرفها تعظيم خالقها لها فيقول: ألست التي قال فيك: [خلقت بيدي] أسجدت لك ملائكتي، وارتضاك للخلافة أرضه، وراسلك واقترض منك واشترى. ]صيد الخاطر] (ص 81)
7-عظمة القرآن الكريم
* قال تعالى: [بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ] [البروج: 21]أي ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام [قُرْآنٌ مَّجِيدٌ] أي ذو عظمة ومجد، ووصف القرآن بأنه مجيد لا يعني أن المجد وصف للقرآن نفسه فقط، بل هو وصف للقرآن، ولمن تحمل هذا القرآن فحمله وقام بواجبه من تلاوته حق التلاوة، فإنه سيكون لهم المجد والعزة والرفعة. ]تفسير ابن عثيمين] (جـ23/ص19)
* قال تعالى: [إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ] [الطارق: 13] يفصل بين الحق والباطل، وبين المتقين والظالمين، بل إنه فصل أي قاطع لكل من ناوأه وعاداه، ولهذا نجد المسلمين لما كانوا يجاهدون الكفار بالقرآن نجدهم غلبوا الكفار، وقطعوا دابرهم، وقضي بينهم، فلما أعرضوا عن القرآن هُزموا، وأذلوا بقدر بُعدهم عن القرآن. ]تفسير ابن عثيمين] (جـ24/ص7)
* قال تعالى: [وَمَا هُوَ بِالْهَزْل] [الطارق: 14]أي القرآن الكريم ما هو باللعب والعبث واللغو، بل هو حق، كلماته كلها حق، أخباره صدق، وأحكامه عدل، وتلاوته أجر، لو تلاه الإنسان كل أوانه لم يمل منه، وإذا تلاه بتدبر وتفكر فتح الله عليه من المعاني ما لم يكن عنده من قبل. ]تفسير ابن عثيمين] (جـ24/ص7)
* قال تعالى: [وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ] [الإسراء: 82] قال قتادة: لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان قضى الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا. ]تفسير البغوي] (جـ5/ص123)
* قال تعالى: [لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ] [الحشر: 21] أي: لو جعل في الجبل تمييز، وأنزل عليه القرآن لخشع وتشقق وتصدع من خشية الله، مع صلابته ورزانته، حذرًا من أن لا يؤدي حق الله في تعظيم القرآن. ]تفسيرالبغوي] (جـ8/ص87)
* قوله تعالى: [الله نزل أحسن الحديث كتابا] [الزمر: 23] المعنى: هو القرآن العظيم, [متشابها] متشابها في حسنه وإحكامه وعدم اختلافه, تثنى فيه القصص والأحكام, والحجج والبينات, [مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم] تقشعر من سماعه, وتضطرب جلود الذين يخافون ربهم تأثراً بما فيه من ترهيب ووعيد, [ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ] ثم تلين جلودهم وقلوبهم; استبشارا بما فيه من وعد وترغيب. ]التفسير الميسر] (جـ8/ص245), و ]معجم الفرائد] (ص92)
* قال تعالى: [وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ* فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ] [الشعراء: 198-199] لو أنزل القرآن كله بلغة العجم لقالوا: على وجه التعنت والعناد هلا أنزل مفصلا بلغة العرب، ولأنكروا ذلك فقالوا: [أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ] [فصلت: 44]أي: كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه؟. ]تفسير ابن كثير] (جـ7/ص184)
* قال تعالى: [لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ] [القيامة: 16-17] هذا تعليم من الله لرسوله عليه السلام في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله إذا جاءه الملك بالوحي، أن يستمع له، وتكفل الله له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه عليه. ]تفسيرابن كثير] (جـ7/ص278)
8-وأن المساجد لله
* قال تعالى [وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً] [الجن: 18] ولم يقل وأن المشاهد لله، وقد علم بالنقل المتواتر بل علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الرسول × شرع لأمته عمارة المساجد بالصلوات والاجتماع للصلوات الخمس ولصلاة الجمعة والعيدين وغير ذلك وأنه لم يشرع لأمته أن يبنوا على قبر نبي ولا رجل صالح لا من أهل البيت ولا غيرهم لا مسجدا ولا مشهدا. ]دقائق التفسير] (جـ2/ص150)
* قال تعالى: [وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً] [الجن: 18]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كان الصحابة إذا رأوا أحدا بنا مسجدا على قبر نهوه عن ذلك ولما ظهر قبر دانيال بتستر كتب فيه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه فكتب إليه عمر أن تحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا وتدفنه بالليل في واحد منها لئلا يفتتن الناس به، وكان عمر بن الخطاب إذا رآهم ينتابون مكانا يصلون فيه لكونه موضع نبي ينهاهم عن ذلك ويقول إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ آثار أنبيائهم مساجد من أدركته الصلاة فيه فليصل وإلا فليذهب، فهذا وأمثاله كانوا يحققون به التوحيد الذي أرسل الله به الرسول إليهم ويتبعون في ذلك سنته × والإسلام مبني على أصلين أن لا نعبد إلا الله وأن نعبده بما شرع لا نعبده بالبدع. ]دقائق التفسير] (جـ2/ص151)
9-فادعوا الله مخلصين
* قال تعالى: [فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ] [غافر: 14] لما ذكر سبحانه ما نصبه من الأدلة على التوحيد أمر عباده بدعائه وإخلاص الدين له فقال: [فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ] أي: إذا كان الأمر كما ذكر من ذلك فادعوا الله وحده مخلصين له العبادة التي أمركم بها [وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ] ذلك فلا تلتفتوا إلى كراهتهم ودعوهم يموتوا بغيظهم ويهلكوا بحسرتهم . ]فتح القدير](جـ6/ص314)
* قال تعالى: [قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء الله] [يونس: 49] قال الشوكاني: وفي هذه أعظم واعظ وأبلغ زاجر لمن صار ديدنه المناداة لرسول الله والاستغاثة به عند نزول النوازل التي لا يقدر على دفعها إلا الله، فإن هذا مقام رب العالمين الذي خلق جميع المخلوقين، رب الأرباب القادر على كل شيء. ]فتح القدير](جـ3/ص381)
* قال تعالى: [قُلْ هُوَ اللهُ اَحَدٌ][السورة بأكملها] فيها مِن كمال التوحيد العِلمي الاعتقادي، واثبات الأحَدِيَّة للهِ، المستلزِمة نفي كُلّ شَرِكَةٍ عنه، واثباتِ الصَّمديَّةِ المستلزمةِ لإثبات كُلِّ كمال له مع كونِ الخلائق تَصمُدُ إليه في حوائجها، ونفي الوالد والولد، والكُفْءِ عنه المتضمن لنفي الأصل، والفرع والنظير، والمماثل، مما اختصَّت به وصارت تعدِلُ ثُلُثَ القران. ]زاد المعاد] (جـ4/ص181)
* قوله تعالى: [ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلاً رَجُلاً] عبدًا مملوكًا [فِيـهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ] [الزمر: 29]، أي: لشركاء مختلفون متشاجرون متنازعون مختصمون فهو حيران في إرضائهم [وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً][الزمر: 29], وعبدًا خالصًا لمالك واحد يعرف مراده وما يرضيه, هل يستويان مثلا؟ لا يستويان, كذلك المشرك هو في حَيْرة وشك, والمؤمن في راحة واطمئنان. ]التفسير الميسر] (جـ8/ص249)، و]معجم الفرائد] مادة (ش ك س)(ص 63)
* قال تعالى: [فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ] [آل عمران: 20] قال عليه السلام: [أسلَمتُ نفْسي إليكَ] جعلتُها مُسلَّمَةً لك، تسليمَ العبدِ المملوك نفسَه إلى سيده، ومالكه، وتوجيهُ وجهه إليه: يتضمَّن إقبالَه بالكلِّية على ربه، وإخلاص القصد والإرادة له، وإقراره بالخضوع والذل والانقياد. ]زاد المعاد] (جـ4/ص244)
* قال تعالى: [وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ] [البقرة: 265] أي: طلبًا لرضا الله واعتقادًا راسخًا بصدق وعده [كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ] بستان عظيم بأرض عالية طيبة [أَصَابَهَا وَابِلٌ] هطلت عليه أمطار غزيرة, [فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ] فتضاعفت ثمراته [فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا] تسقط عليها [وَابِلٌ] مطر غزير [فَطَلٌّ] فيكفيه رذاذ المطر ليعطي الثمرة المضاعفة, وكذلك نفقات المخلصين تُقبل عند الله وتُضاعف, قلَّت أم كثُرت, [وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] على السرائر، البصير بالظواهر والبواطن، يثيب كلا بحسب إخلاصه. ]التفسير الميسر] (جـ1/ص278)
وهو جزء من ضمن باقة جوال شفيع العامة
86242
ونفائس القرآن منوع ميسر
800253
يمكن الاستفسار عن الرقم من خلال إرسال رسالة فارغة لرقم الباقة السابق
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
|