تيسير جامع البيان
المقتبس من تفسير الإمام الطبري
جزء عم
إعداد
أبي عبد الرحمن جمال بن إبراهيم القرش
حقوق الطبع محفوظة
1430 هـ
دار التوبة بالرياض ، ودار الهجرة بالخبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا، المتفرد بنعوت الجلال والإكرام والخلق والأمر فلا يشرك في حكمه أحدا.... والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد
فقد امتن الله عز وجل على أمة الإسلام بأفضل رسله وخير كتبه، فجعله خاتما لها، ومصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا، وجمع بين ثناياه العطرة ما اجتمع للأولين والآخرين.
وندب الشارع الحكيم إلى النظر في آياته وأحكامه، والتأمل في وجوه إعجازه وإحكامه، قال تعالى: +كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ" [ص: 29]، ولذا كانت علوم القرآن العظيم - ومنها علم التفسير- أكرم أصناف العلوم عند الله مكانة، وأوفرها فضلا
وقد تأملت في كتب التفاسير فوجدت كتاب الإمام العالم الجليل: أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ت 310 هـ، الموسوم بـ(جامع البيان في تأويل القرآن) من أجلها وأعظمها، وأكثرها فوائد وأقيمها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تفسير محمد بن جرير الطبري أقرب التفاسير إلى الكتاب والسنة، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير والكلبي اهـ مقدمة في التفسير 68، وقد رغبت في اقتباس نفائس ودرر من هذا التفسير العظيم المبارك، وكان منهجي على الوجه التالي:
1. حذف الروايات المسندة، والشواهد اللغوية، والقراءات وتوجيها.
2. تقسيم الآية إلى مقاطع ليسهل فهمها: مثال ذلك:
قبل: +اتخذوا أيمانهم جنة" [ المنافقون:2] جعلوا حلفهم وأيمانهم جُنَّة يستجنون بها من القتل
بعد: +اتخذوا" جعلوا +أيمانهم" حلفهم +جنة" يستجنون بها من القتل
3. حذف التكرار: مثال ذلك:
قبل: +إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ"[المدثر:35 ] يقول تعالى ذكره: إن جهنم لإحدى الكبر، يعني: الأمور العظام.
بعد: +إِنَّهَا" إن جهنم +لإحْدَى الْكُبَرِ" الأمور العظام.
4. اختصار الكلام المطول ليسهل استيعابه مثال ذلك:
قبل: +وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ" [ص:34] وليس ذَلِكَ حين فرار وَلاَ هرب من العذاب بالتوبة، وقد حَقَّت كلمة العذاب عليهم، وتابوا حين لاَ تنفعهم التوبة، واستقالوا في غير وقت الإقالة.
بعد: +وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ" وليس ذَلِكَ حين فرار وَلاَ هرب من العذاب بالتوبة، وقد حَقَّت كلمة العذاب عليهم، وتابوا حين لاَ تنفعهم التوبة.
5. تفسير بعض الآيات التي فسرها في موضع سابق. مثال ذلك:
قبل: +حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ" [الرحمن:72] يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الخيرات الحسان ) حُورٌ ) يعني بقوله حور: بِيض، وهي جمع حوراء، والحوراء: البيضاء.
بعد: +حُورٌ" جمع حوراء، والحوراء: البيضاء، [ وهي الشديدة بياض مقلة العين في شدة سواد الحدقة ] (والزيادة من تفسير الطبري للآية 21من سورة الطور)
6. من النادر أن يضاف كلام زائد، ويوضع بين قويسين [] كتوضيح بعض المفردات
قبل: +وَالْمُؤْتَفِكَاتُ" [الحاقة:9] والقرى التي ائتفكت بأهلها فصار عاليها سافلها
بعد: +وَالْمُؤْتَفِكَاتُ" [الحاقة:9] والقرى التي ائتفكت [انقلبت] بأهلها فصار عاليها سافلها
أو إضافة كلمة أو حرف يستقيم به الكلام
مثال: +لا فِيهَا" لا في هذه الخمر +غَوْلٌ" تغتال عقولهم [و] لا تذهب هذه الخمر بعقول شاربيها
7. فصل الضمير المتصل عن عامله لتيسير فهمه على القارئ
مثال:
قبل +وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ" [التكوير:24 ] وما محمد على ما علَّمه الله من وحيه وتنزيله ببخيل بتعليمكموه أيها الناس، بل هو حريص على أن تؤمنوا به وتتعلَّموه.
بعد: بتعليمكم إياه
8. التقديم والتأخير لتوضيح المعنى. مثال ذلك:
قبل: +لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ" [عبس:23 ] لم يؤدّ ما فرض عليه من الفرائض ربُّه.
بعد : +لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ" [عبس:23 ] لم يؤدّ ما فرض عليه ربُّه من الفرائض.
9. حذف الخلافات، واعتماد ما رجحه الطبري في الجملة.
قبل: القول في تأويل قوله تعالى : + وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا " اختلف أهل التأويل في معنى قول الله: + وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا " فقال بعضهم: معنى ذلك: والرياح المرسلات يتبع بعضها بعضا، قالوا: والمرسَلات: هي الرياح. وقال آخرون: بل معنى ذلك: والملائكة التي تُرسَل بالعرف ، والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عُرْفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، ولا دلالة تدلّ على أن المعنيّ بذلك أحد الحِزْبين دون الآخر، وقد عمّ جلّ ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف، فكلّ من كان صفته كذلك، فداخل في قسمه ذلك مَلَكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا
بعد +وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا" إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عُرْفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، فكلّ من كان صفته كذلك، فداخل في قسمه ذلك مَلَكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا.
وقد حاولت قصارى جهدي الأخذ بأسباب التيسير، ليناسب الكتاب عموم المسلمين في كل مكان، وتيسر سبل الاستفادة من هذا الكتاب العظيم، وهو باكورة التفسير الذي أسميته [ تيسير جامع البيان المقتبس من تفسير الإمام الطبري].
ولا يسعني إلا الشكر والتقدير لكل من ساهم في إخراج هذه العمل، وأخص بالذكر فضيلة الشيخ الفاضل المحقق/ أشرف على خلف وفقه الله.
أسأل الله - جل وعلا - أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، ويرزقنا منه الثواب الأوفى، وأن يعيننا على استكماله على الوجه الذي يرضيه عنا، إنه مولانا القادر على ذلك نعم المولى ونعم النصير، رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذرتي، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته ومن سار على سنته إلى يوم الدين.
وكتبه أفقر العباد
جمال بن إبراهيم القرش
ســورة النبأ
(1)- +عَمَّ" عن أي شيء +يَتَسَاءَلُونَ" يتساءل هؤلاء المشركون بالله ورسوله من قريش يا محمد، وقيل ذلك له ×، وذلك أن قريشا جعلت فيما ذُكر عنها تختصم وتتجادل في الذي دعاهم إليه رسول الله × من الإقرار بنبوّته، والتصديق بما جاء به من عند الله، والإيمان بالبعث
(2)- ثم أخبر اللهُ نبيَّه × عن الذي يتساءلونه، فقال: +عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ" عن الخبر العظيم، أريد به القرآن.
(3)- +الَّذِي" صاروا +هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ" فريقين: فريق به مصدّق، وفريق به مكذّب.
(4) - +كَلا" ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون بعث الله إياهم أحياء بعد مماتهم، وتوعدهم جل ثناؤه فقال: +سَيَعْلَمُونَ" سيعلم هؤلاء الكفار المنُكرون وعيد الله أعداءه، ما الله فاعل بهم يوم القيامة
(5)-+ثُمَّ كَلا" ثم أكد الوعيد بتكرير آخر، فقال: ما الأمر كما يزعمون من أن الله غير محييهم بعد مماتهم، ولا معاقبهم على كفرهم به، +سَيَعْلَمُونَ" أن القول غير ما قالوا إذا لقوا الله، وأفضوا إلى ما قدّموا من سيئ أعمالهم.
(6)- يقول - تعالى - معدّدا على هؤلاء المشركين نِعَمه وأياديه عندهم، وإحسانه إليهم:+أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ" لكم +مِهادًا" تمتدونها وتفترشونها.
(7)- +وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا" أن تميد بكم.(8)- +وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا" ذُكرانا وإناثا، وطوالا وقصارا، أو ذوي دمامة وجمال.
(9)- +وَجَعَلْنَا"لكم +نَوْمَكُمْ سُبَاتًا" راحة ودَعة، تهدءون به وتسكنون، كأنكم أموات لاَ تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح، والسَّبْتُ والسُّبَات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة.
(10)- +وَجَعَلْنَا"لكم +اللَّيْلَ لِبَاسًا" غشاء يتغشاكم سواده، وتغطيكم ظلمته، كما يغطي الثوبُ لابسَه لتسكنوا فيه.
(11)- +وَجَعَلْنَا"لكم +النَّهَارَ مَعَاشًا" ضياء لتنتشروا فيه لمعاشكم، وتتصرّفوا فيه لمصالح دنياكم، وابتغاء فضل الله فيه،
(12)- +وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ" وسقفنا فوقكم، فجعل السقف بناء، إذ كانت العرب تسمي سقوف البيوت - وهي سماؤها - بناءً وكانت السماء للأرض سقفا، فخاطبهم بلسانهم إذ كان التنزيل بِلسانهم، +سَبْعًا شِدَادًا" وثاقا محكمة الخلق، لاَ صدوع فيهنّ ولا فطور، ولا يبليهنّ مرّ الليالي والأيام.
(13)- +وَجَعَلْنَا سِرَاجًا" الشمس، +وَهَّاجًا" وقادا مضيئا.(14)- +وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ" السحاب +مَاءً ثَجَّاجًا" منصبا يتبع بعضه بعضا.
(15)- +لِنُخْرِجَ بِهِ" بالماء الذي ننزله من المعصرات +حَبًّا" كل ما تضمنه كمام الزرع التي تحصد +وَنَبَاتًا" الكلأ الذي يُرْعَى، من الحشيش والزروع.
(16)- +وَجَنَّاتٍ" بساتين، +أَلْفَافًا" ملتفة مجتمعة.
(17)- +إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ" يفصل الله فيه بين خلقه، فيأخذ فيه من بعضهم لبعض +كَانَ مِيقَاتًا" لما أنفذ الله لهؤلاء المكذّبين بالبعث.
(18)- +يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ" يوم الفصل +فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا" جماعة جماعة، لأن كلّ أمة أرسل الله إليها رسولا تأتي مع الذي أرسل إليها.
(19)- +وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ" وشققت السماء فصدّعت +فَكَانَتْ أَبْوَابًا" فكانت طُرقا، وكانت من قبل شدادا لاَ فطور فيها ولا صدوع.
(20)- +وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ" ونُسفت الجبال فاجتثت من أصولها +فَكَانَتْ سَرَابًا" فصيرت هباء منبثا، لعين الناظر، كالسراب.
(21)- +إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا" ذات رَصْد لأهلها الذين كانوا يكذّبون في الدنيا بها وبالمعاد إلى الله، ذات ارتقاب ترقب من يجتازها وترصُدهم.
(22)- +لِلطَّاغِينَ" للذين طَغَوا في الدنيا، فتجاوزوا حدود الله +مَآبًا" كانت منزلا ومرجعا يرجعون إليه، ومصيرا يصيرون إليه
(23)- +لابِثِينَ فِيهَا"ماكثون فيها +أَحْقَابًا"
(24)- +لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا" لاَ يطعمون فيها +بَرْدًا" يبرد حرّ السعير عنهم، إلا الغساق +وَلا شَرَابًا"، يرويهم من شدّة العطش الذي بهم، إلا الحميم.
(25)- +إِلاَّ حَمِيمًا" قد أغلي حتى انتهى حرّه، فهو كالمُهْل يَشْوِي الوجوه، +وَغَسَّاقًا"السائل من الزمهرير في جهنم، الجامع مع شدّة برده النتن.
(26)- +جَزَاءً وِفَاقًا" ثوابا لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا.
(27)- +إِنَّهُمْ" الكفار +كَانُوا" في الدنيا +لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا" لاَ يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم
(28)- +وَكَذَّبُوا"وكذّب هؤلاء الكفار +بِآيَاتِنَا" بحُججِنا وأدلتنا +كِذَّابًا" تكذيبا.
(29)- +وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ" فكتبناه +كِتَابًا" كتبنا عدده ومبلغه وقدره، فلا يعزُب عنا علم شيء منه.
(30)- يقال لهؤلاء الكفار في جهنم إذا شربوا الحميم والغَسَّاق +فَذُوقُوا" أيها القوم من عذاب الله الذي كنتم به في الدنيا تكذّبون +فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا" على العذاب الذي أنتم فيه، لاَ تخفيفا منه، ولا ترفُّها.
(31)- +إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا" مَنجَى من النار إلى الجنة، ومخلصا منها لهم إليها، وظفرا بما طلبوا.
(32)- +حَدَائِقَ" بساتين من النخل والأعناب والأشجار المُحَوَّط عليها الحيطان المحدقة بها +وأعْنابًا" وكرومَ أعناب، واستغنى بذكر الأعناب عن ذكر الكروم.
(33)- +وَكَوَاعِبَ" ونواهد +أَتْرَابًا" في سنّ واحدة.
(34)- +وَكَأْسًا دِهَاقًا" ملأى متتابعة على شاربيها بكثرة وامتلاء.
(35)- +لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا" لاَ يسمعون في الجنة +لَغْوًا" باطلا من القول، +وَلا كِذَّابًا" ولا مكاذبة، أي لاَ يكذب بعضهم بعضا.
(36)- +جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ" ثوابًا من ربك بأعمالهم، على طاعتهم إياه في الدنيا، +عَطاءً" تفضلا من الله عليهم بذلك الجزاء، وذلك أنه جزاهم بالواحد عشرا في بعض وفي بعض بالواحد سبع مِئَةٍ، فهذه الزيادة وإن كانت جزاء، فعطاء من الله، +حِسابًا" محاسبة لهم بأعمالهم لله في الدنيا.
(37)- +رَبِّ السَّمَاوَاتِ" السبع +وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا" من الخلق +الرَّحْمَنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا" لاَ يقدر أحد من خلقه خطابه يوم القيامة، إلا من أذن له منهم وقال صوابًا.
(38)- +يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ" هم بنو آدم +وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ" إلا من أذن له الرحمن منهم في الكلام +وَقَالَ صَوَابًا" قال حقا.
(39)- +ذَلِك الْيَوْمُ" يوم القيامة، وهو يوم يقوم الروح والملائكة صفا +الْحَقُّ" إنه حقّ كائن لاَ شكّ فيه +فَمَنْ شَاءَ" من عباده +اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ" بالتصديق بهذا اليوم الحقّ، والاستعداد له، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله +مآبًا" مرجعا.
(40)- +إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ" إنا حذّرناكم أيها الناس +عَذَابًا قَرِيبًا" قد دنا منكم وقرُب، وذلك +يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ" المؤمن +مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ" من خير اكتسبه في الدنيا، أو شرّ سَلَفَهُ، فيرجو ثواب الله على صالح أعماله، ويخاف عقابه على سيئها +وَيَقُولُ الْكَافِرُ" يومئذ تمنيا لما يلقى من عذاب الله الذي أعدّه لأصحابه الكافرين به +يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" كالبهائم التي جُعِلت ترابًا. ســورة النازعات
(1)- +وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا" أقسم تعالى بالنازعات غرقا، فكلّ نازعة غرقا، فداخلة في قسمه، ملكا كان أو موتا، أو نجما، أو قوسا، أو غير ذلك، والمعنى: والنازعات إغراقا كما يغرق النازع في القوس.
(2)- +وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا" هم الملائكة، تنشِط نفس المؤمن فتقبضُها، كما ينشط العقال من البعير إذا حُلّ عنه.
(3)- +وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا" واللواتي تسبح سبحا، وهي الملائكة.
(4)- +فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا" هي الملائكة (5)- +فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا" فالملائكة المدبرة ما أمرت به من أمر الله.
(6)- +يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ" ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى.
(7)- +تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ" تتبعها الأخرى بعدها، هي النفخة الثانية التي ردفت الأولى لبعث يوم القيامة.
(8)- +قُلُوبٌ" قلوب خَلْقٍ من خلقه +يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ" خائفة من عظيم الهول النازل.
(9)- +أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ" أبصار أصحابها ذليلة مما قد علاها من الكآبة والحزن من الخوف والرعب الذي قد نزل بهم من عظيم هول ذلك اليوم.
(10)- +يَقُولُونَ" هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم: إنكم مبعوثون من بعد الموت: +أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ" إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا، وقبل مماتنا.
(11)- +أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً" بالية.
(12)- +قَالُوا تِلْكَ" يعنون تلك الرجعة أحياء بعد الممات +إذًا" الآن، +كرّة" رجعة، +خاسرة" غابنة.
(13)- +فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ" فإنما هي صيحة واحدة، ونَفخة تنفخ في الصور
(14)- +فَإِذَا هُمْ" فإذا هؤلاء المكذبون بالبعث المتعجبون من إحياء الله إياهم من بعد مماتهم، تكذيبا منهم بذلك +بِالسَّاهِرَةِ" بظهر الأرض.
(15)- +هَلْ أتَاكَ" يا محمد +حَدِيثُ مُوسَى" بن عمران.
(16)- +إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ" وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه +بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ" المطهر المبارك، +طُوى" هو اسم الوادي.
(17)- نادى موسى ربُّه أن: +اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى" عتا وتجاوز حدّه في العدوان، والتكبر على ربه.
(18)- +فَقُلْ" له: +هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى" أن تتطهَّر من دنس الكفر، وتؤمِن بربك؟
(19)- +وَأَهْدِيَكَ" أرشدك +إِلَى رَبِّكَ" إلى ما يرضي ربك، +فَتَخْشَى" عقابه بأداء ما ألزمك من فرائضه، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه.
(20)- +فَأَرَاهُ" فأرى موسى فرعون +الآيَةَ الْكُبْرَى" الدلالة الكبرى، على أنه لله رسول أرسله إليه، فكانت تلك الآية يد موسى إذ أخرجها بيضاء للناظرين، وعصاه إذ تحوّلت ثعبانا مبينا.
(21)- +فَكَذَّبَ" فرعون موسى فيما أتاه من الآيات المعجزة +وَعَصَى"، وعصاه فيما أمره به من طاعته ربه، وخَشيته إياه.
(22)- +ثُمَّ أَدْبَرَ" ثم ولَّى مُعرضا عما دعاه إليه موسى من طاعته ربه، وخشيته وتوحيده +يَسْعَى" يعمل في معصية الله، وفيما يُسخطه عليه.
(23)- +فَحَشَرَ" فجمع قومه وأتباعه +فَنَادَى" فنادى فيهم.
(24)- +فَقالَ" لهم +أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى" الذي كلّ ربّ دوني، وكذب الأحمق.
(25)- +فَأَخَذَهُ" عاقبه+اللَّهُ نَكَالَ" عقوبة +الآخِرَةِ" وهي قوله: +أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى"، +وَالأولَى" هي قوله: +مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي".
(26)- +إِنَّ فِي ذَلِكَ" إن في العقوبة التي عاقب الله بها فرعون +لَعِبْرَةً" عظة ومُعْتَبَرًا +لِمَنْ يَخْشَى" لمن يخاف الله ويخشى عقابه.
(27)- +أَأَنْتُمْ" أيها الناس +أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا" ربكم، فإن من بنى السماء فرفعها سقفا، هَيِّن عليه خلقكم وخلق أمثالكم، وإحياؤكم بعد مماتكم وليس خلقكم بعد مماتكم بأشدّ من خلق السماء.
(28)- +رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا" فسوّى السماء، فلا شيء أرفع من شيء، ولا شيء أخفض من شيء، ولكن جميعها مستوي الارتفاع والامتداد.
(29)- +وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا" أظلم ليل السماء +وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا" أبرز نهارها فأظهره، ونوّر ضحاها.
(30)- +وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا" الدحوّ إنما هو البسط والمدّ، دُحِيت الأرض من بعد خَلق السماء، وذلك أن الله خَلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسوّاهنّ سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك.
(31)- +أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا" فجَّر فيها الأنهار +وَمَرْعَاهَا" أنبت نَباتها.
(32)- +وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا" والجبال أثبتها فيها.
(33)- +مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ" أنه خلق هذه الأشياء، وأخرج من الأرض ماءها ومرعاها منفعة لنا ومتاعا إلى حين.
(34)- +فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى" التي تطم على كلّ هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها، وقيل: إنها اسم من أسماء يوم القيامة.
(35)- +يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ" إذا جاءت الطامة +مَا سَعَى" ما عمل في الدنيا من خير وشر، وذلك سعيه.
(36)- +وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ" وأظْهِرت الجحيم، وهي نار الله +لِمَنْ يَرَى" لأبصار الناظرين.
(37)- +فَأَمَّا مَنْ طَغَى" عتا على ربه، وعصاه واستكبر عن عبادته.
(38)- +وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" وآثر متاع الحياة الدنيا على كرامة الآخرة، وما أعدّ الله فيها لأوليائه، فعمل للدنيا، وسعى لها، وترك العمل للآخرة.
(39)- +فَإِنَّ الْجَحِيمَ" فإن نار الله التي اسمها الجحيم +هِيَ الْمَأْوَى" هي منزله ومأواه، ومصيره الذي يصير إليه يوم القيامة.
(40)- +وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ" وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، +وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى" ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه.
(41)- +فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" منزله يوم القيامة.
(42)- +يَسْأَلُونَكَ" يسألك يا محمد هؤلاء المكذّبون بالبعث +عَنِ السَّاعَةِ" التي تبعث فيها الموتى من قبورهم +أَيَّانَ مُرْسَاهَا" متى قيامها وظهورها.
(43)- +فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا" في أيّ شيء أنت من ذكر الساعة والبحث عن شأنها.
(44)- +إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا" إليه ينتهي علم الساعة، لاَ يعلم وقت قيامها غيره.
(45)- +إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا" إنما أنت رسول مبعوث بإنذار الساعة من يخاف عقاب الله فيها على إجرامه ولم تُكَلَّف علمَ وقت قيامها، فدع ما لم تكلف علمَه واعمل بما أمرت به من إنذار من أُمرت بإنذاره.
(46)- +كَأَنَّهُمْ" كأن هؤلاء المكذّبين بالساعة +يَوْمَ يَرَوْنَهَا" يوم يرون أن الساعة قد قامت من عظيم هولها، +لَمْ يَلْبَثُوا" في الدنيا +إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا" إلا عشية يوم، أو ضحى تلك العشية.
ســورة عبس
(1)- +عَبَسَ" قبض وجهه تكرّها، +وَتَوَلى" وأعرض.(2)- +أَنْ" لأن +جَاءَهُ الأعْمَى"هو ابن أمّ مكتوم، عوتب النبيّ × بسببه.
(3)- +وَمَا يُدْرِيكَ" يا محمد +لَعَلَّهُ" لعلّ هذا الأعمى الذي عَبَست في وجهه +يَزَّكَّى" يتطهَّر من ذنوبه.
(4)- +أَوْ يَذَّكَّرُ" أو يتذكَّر +فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى" يعتبر فينفعه الاعتبار والاتعاظ.
(5)- +أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى" أما من استغنى بماله.(6)- +فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى" فأنت له تتعرّض رجاء أن يُسلِم.
(7)- +وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى" وأي شيء عليك أن لاَ يتطهَّر من كفره فيُسلم؟
(8)- +وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى" وأما هذا الأعمى الذي جاءك سعيا. (9)- +وَهُوَ يَخْشَى" الله ويتقيه.
(10)- +فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى" تعرض، وتشاغل عنه بغيره وتغافل.
(11)- +كَلا"ما الأمر كما تفعل يا محمد من أن تعبس في وجه مَن جاءك يسعى وهو يخشى، وتتصدّى لمن استغنى +إنَّها"السورة+تَذْكِرَة" عظة وعبرة
(12)- +فَمَنْ شَاءَ" من عباد الله +ذَكَرَهُ" ذكر تنزيل الله ووحيه. (13)- +فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ" إنها تذكرة في اللوح المحفوظ.
(14)- +مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ" وهو المرفوع المطهر عند الله.
(15)- +بِأَيْدِي سَفَرَةٍ" الصحف المكرّمة بأيدي سفرة، جمع سافر، وهم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي.
(16)- +كِرَامٍ بَرَرَةٍ" والبَررَة: جمع بارّ. (17)- +قُتِلَ الإنْسَانُ" لُعِنَ الإنسانُ الكافر +مَا أكْفَرَهُ" ما أعجب كفره مع إحسان الله إليه، وأياديه عنده.
(18)- +مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ" من أي شيء خلق الإنسانَ الكافرَ ربُّه حتى يتكبر ويتعظم عن طاعة ربه، والإقرار بتوحيده.
(19)- +مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ" خلقه أحوالا: نطفة تارة، ثم عَلَقة أخرى، ثم مُضغة، إلى أن أتت عليه أحواله وهو في رحم أمه.
(20)- +ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ" ثم يسَّره للسبيل، وهو الخروج من بطن أمه.(21)- +ثُمَّ أَمَاتَهُ" ثم قَبَضَ رُوحه، فأماته بعد ذلك +فَأَقْبَرَهُ" صيره ذا قبر،
(22)- +ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ" بعد مماته وأحياه.
(23)- +كَلا" ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدّى حقّ الله عليه، +لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ" لم يؤدّ ما فرض عليه ربُّه من الفرائض.
(24)- +فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ" الكافرُ المُنكرُ+إِلَى طَعَامِهِ" كيف دبَّره.(25)- +أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ" أنا أنزلنا الغيث من السماء إنزالا وصببناه عليها +صَبًّا".
(26)- +ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا" ثم فتقنا الأرض فصدّعناها بالنبات.
(27)- +فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا" حبّ الزرع، وهو كلّ ما أخرجته الأرض من الحبوب كالحنطة والشعير، وغير ذلك.
(28)- +وَعِنَبًا" وكرم عنب +وَقَضْبَا" الرطبة، وأهل مكة يسمون القَتَّ [العلف الرطب] القَضْب.
(29)- +وَزَيْتُونًا" وهو الزيتون الذي منه الزيت، +وَنَخْلا". (30)- +وَحَدَائِقَ" البستان المحوّط عليه، +غُلْبا" أشجارا في بساتين غلاظ.
(31)- +وَفاكِهَةً" ما يأكله الناس من ثمار الأشجار، +وَأَبًّا" الأبّ: ما تأكله البهائم من العشب والنبات.
(32)- +مَتاعا لَكُمْ" أيها الناس، ومنفعة تتمتعون بها، وتنتفعون، +وَلأنْعَامِكُمْ" والتي يأكلها الأنعام، وأصل الأنعام الإبل، ثم تستعمل في كلّ راعية.
(33)- +فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ" اسم من أسماء القيامة.
(34)- +يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ" فإذا جاءت الصاخة في هذا اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أخيه.
(35)- +وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ"
(36)- +وَصَاحِبَتِهِ" زوجته التي كانت في الدنيا +وَبَنِيهِ" حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من التَّبعات والمظالم.
(37)- +لكل امرئ مِنْهُمْ" من الرجل وأخيه وأمه وأبيه، وسائر من ذُكر +يَوْمَئِذٍ" يوم القيامة+شَأْنٌ يُغْنِيهِ" أمر يُشغِله عن شأن غيره.
(38)- +وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ" مشرقة مضيئة، وهي وجوه المؤمنين الذين قد رضي الله عنهم.
(39)- +ضَاحِكَةٌ" من السرور بما أعطاها الله من النعيم والكرامة +مُسْتَبْشِرَةٌ" لما ترجو من الزيادة.
(40)- +وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ" ذُكر أن البهائم التي يصيرها الله ترابا يومئذ بعد القضاء بينها، يحوّل ذلك التراب غَبَرة في وجوه أهل الكفر.
(41)- +تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ" يغشى تلك الوجوه قَتَرة، وهي الغَبَرة.
(42)- +أُولَئِكَ" هؤلاء الذين هذه صفتهم يوم القيامة +هُمُ الْكَفَرَةُ" بالله، كانوا في الدنيا +الْفَجَرَةُ" في دينهم، لاَ يبالون ما أتوا به من معاصي الله، وركبوا من محارمه، فجزاهم الله بسوء أعمالهم ما أخبر به عباده.
ســورة التكوير
(1)- +إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ" جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فَرُمِي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءها.
(2)- +وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ" تناثرت من السماء فتساقطت.
(3)- +وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ" سيرها الله، فكانت سرابا، وهباء منبثا.
(4)- +وَإِذَا الْعِشَارُ" الحوامل التي يَتَنافس أهلها فيها +عُطِّلَتْ" أُهملت فتركت، من شدة الهول النازل بهم فكيف بغيرها.
(5)- +وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ" جمعت، فأميتت.
(6)- +وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ" مُلئت حتى فاضت، فانفجرت وسالت كما وصفها الله به في الموضع الآخر.
(7)- +وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ" أُلحِقَ كلُّ إنسان بشكله، وقُرِنَ بين الضُّرَباءِ والأمثال.
(8)- +وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ" وإذا الموءودة سألت قتلتها ووائديها.
(9)- +بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ" بأيّ ذنب قتلوها؟ والموءودة: المدفونة حية، وكذلك كانت العرب تفعل ببناتها.
(10)- +وَإِذَا الصُّحُفُ" صحف أعمال العباد +نُشِرَتْ" لهم بعد أن كانت مطوية على ما فيها مكتوب من الحسنات والسيئات.
(11)- +وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ" نزعت وجُذبت ثم طُويت.
(12)- +وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ" أوقد عليها فأُحميت.
(13)- +وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ" قرّبت وأُدنيت.
(14)- +عَلِمَتْ نَفْسٌ" عند ذلك +مَا أَحْضَرَتْ" من خير، فتصير به إلى الجنة، أو شرّ فتصير به إلى النار، يتبين له عند ذاك ما كان جاهلا به، وما الذي كان فيه صلاحه من غيره.
(15،16)- +فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ" هي النجوم الدراريّ الخمسة تخنِس في مجراها فترجع وتكنس، فتستتر في بيوتها كما تكنس الظباء في المغار، والنجوم الخمسة: بَهْرام وزُحَل، وعُطارد، والزُّهَرَة، والمُشْتَرِي.
(17)- +وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ" إذا أدبر.
(18)- +وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ" وضوء النهار إذا أقبل وتبين.
(19)- +إِنَّهُ لَقَوْلُ" إن هذا القرآن لتنزيل +رَسُولٍ كَرِيمٍ" جبريل، نزله على محمد بن عبد الله.
(20)- +ذِي قُوَّةٍ" جبرائيل، ذي قوّة على ما كلف من أمر غير عاجز +عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ" هو مكين عند ربّ العرش العظيم.
(21)- +مُطَاعٍ ثَمَّ" جبريل –عليه السلام- مطاع في السماء، تطيعه الملائكة +أمِينٍ" عند الله على وحيه ورسالته وغير ذلك مما ائتمنه عليه.
(22)- +وَمَا صَاحِبُكُمْ" محمد أيها الناس +بِمَجْنُونٍ" فيتكلم عن جِنَّة، ويهذي هذيان المجانين +بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ".
(23)- +وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ" أي {رأى} محمدٌ جبريلَ × في صورته بالناحية التي تبين الأشياء، فترى من قبَلها، وذلك من ناحية مطلع الشمس من قِبَل المشرق.
(24)- +وَمَا هُوَ" وما محمد +عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ" على ما علَّمه الله من وحيه وتنزيله ببخيل بتعليمكم إياه أيها الناس، بل هو حريص على أن تؤمنوا به وتتعلَّموه.
(25)- +وَمَا هُوَ" وما هذا القرآن +بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ" ملعون مطرود، ولكنه كلام الله ووحيه.
(26)- +فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ" عن هذا القرآن وتعدلون عنه.
(27)- +إنْ هُوَ" أي: القرآن +إِلاَّ ذِكْرٌ" عظة +لِلْعَالَمِينَ" من الجنّ والإنس.
(28)- +لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ" على سبيل الحقّ فيتبعه، ويؤمن به.
(29)- +وَمَا تَشَاءُونَ" أيها الناس الاستقامة على الحقّ +إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"، إلا أن يشاء الله ذلك.
ســورة الانفطار
(1)- +إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ" انشقَّت.
(2)- +وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ" وإذا كواكبها انتثرت منها فتساقطت.
(3)- +وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ" فجَّر بعضها في بعض، فملأ جميعها.
(4)- +وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ" أُثيرت فاستخرج من فيها من الموتى أحياء.
(5)- +عَلِمَتْ نَفْسٌ" علمت كلّ نفس +مَا قَدَّمَتْ" لذلك اليوم من عمل صالح ينفعه +وَأَخَّرَتْ" وراءه من شيء سنَّه فعمل به.
(6)- +يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ" الكافر+مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" أيّ شيء غرّك بربك الكريم، غرّ الإنسانَ به عدوُّه المسلَّط عليه.
(7)- +الَّذِي خَلَقَكَ" أيها الإنسان +فَسَوَّاكَ" فسوّى خلقك +فَعَدَلَكَ" فصرفك وأمالك
(8)- +فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ" إلى أيّ صورة شاء، إما إلى صورة حسنة، وإما إلى صورة قبيحة، أو إلى صورة بعض قراباته.
(9)- +كَلا" ليس الأمر أيها الكافرون كما تقولون من أنكم على الحقّ في عبادتكم غير الله، +بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ" ولكنكم تكذّبون بالثواب والعقاب، والجزاء والحساب.
(10)- +وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ" رُقَباء حافظين يحفظون أعمالكم، ويُحْصونها عليكم.
(11)- +كِرَامًا" على الله +كَاتِبِينَ" يكتبون أعمالكم.
(12)- +يَعْلَمُونَ" يعلم هؤلاء الحافظون +مَا تَفْعَلُونَ" من خير أو شرّ، يحصون ذلك عليكم.
(13)- +إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" إن الذين برّوا بأداء فرائض الله، واجتنابِ معاصيه لفي نعيم الجنان ينعمون فيها.
(14)- +وَإِنَّ الْفُجَّارَ" الذين كفروا بربهم +لَفِي جَحِيمٍ".
(15)- +يَصْلَوْنَهَا" يَصْلَى هؤلاء الفجار الجحيم +يَوْمَ الدِّينِ" يوم القيامة، يوم يُدان العباد بالأعمال، فيُجازَوْنَ بها.
(16)- +وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ" وما هؤلاء الفجار من الجحيم بخارجين أبدا، فغائبين عنها، ولكنهم فيها مخلَّدون ماكثون، وكذلك الأبرار في النعيم.
(17)- +وَمَا أَدْرَاكَ"يا محمد وما أشعرك +مَا يَوْمُ الدِّينِ" أيُّ شيء يوم الحساب والمجازاة، معظما شأنه جلّ ذكره، بقيله ذلك.
(18)- +ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ" ثم أيّ شيء أشعرك +مَا يَوْمُ الدِّينِ" يوم المجازاة والحساب يا محمد، تعظيما لأمره، ثم فسَّر جلّ ثناؤه بعض شأنه فقال:
(19)- +يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ" يوم لاَ تُغني +نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا" فتدفع عنها بليَّة نزلت بها، ولا تنفعها بنافعة، وقد كانت في الدنيا تحميها، وتدفع عنها من بغاها سوءا، فبطل ذلك يومئذ، لأن الأمر صار لله الذي لاَ يغلبه غالب، ولا يقهره قاهر، واضمحلت هنالك الممالك، وذهبت الرياسات، وحصل الملك للملك الجبار، +وَالأمْرُ" كله +يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ" الدين لله دون سائر خلقه، ليس لأحد من خلقه معه يومئذ أمر ولا نهي.
ســورة المطففين
(1)- +وَيْلٌ" الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها +لِلْمُطَفِّفِينَ" للذين يُطَففون؛ ينقصون الناس، ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء.
(2)- +الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ" إذا اكتالوا من الناس ما لهم قبلهم من حقّ، +يَسْتَوْفُونَ" لأنفسهم فيكتالونه منهم وافيا.
(3)- +وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ" وإذا هم كالوا للناس أو وزنوا لهم +يُخْسِرُونَ" ينقصونهم.
(4)- +أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ" ألا يظنّ هؤلاء المطففون الناسَ في مكاييلهم وموازينهم +أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ" من قبورهم بعد مماتهم
(5)- +لِيَوْمٍ عَظِيمٍ" شأنه، هائل أمره، فظيع هوله.
(6)- +يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" يوم القيامة حتى يلجمهم العرق.
(7)- +كَلا" ليس الأمر كما يظنّ هؤلاء الكفار، أنهم غير مبعوثين ولا معذّبين +إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ"إن كتابهم الذي كتب فيه أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا +لَفِي سِجِّينٍ" وهي الأرض السابعة السفلى.
(8)- +وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ" وأيّ شيء أدراك يا محمد، أيّ شيء ذلك الكتاب، ثم بين ذلك تعالى ذكره، فقال:
(9)- +كِتَابٌ مَرْقُومٌ" وعنى بالمرقوم:المكتوب. (10)- +وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ" بهذه الآيات.
(11)- +الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ" يكذبون بيوم الحساب والمجازاة.
(12)- +وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ" بيوم الدين +إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ" اعتدى على الله في قوله، فخالف أمره +أثِيمٍ" بربه.
(13)- +إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا" إذا قُرئ عليه حججنا وأدلتنا التي بيَّنَاها في كتابنا الذي أنزلناه إلى محمد × +قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ" قال: هذا ما سطَّره الأوّلون فكتبوه، من الأحاديث والأخبار.
(14)- يقول تعالى ذكره مكذّبا لهم في قيلهم ذلك:+كَلا"، ما ذلك كذلك، +بَلْ" ولكنه +رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" غلب على قلوبهم وغَمَرها وأحاطت بها الذنوب فغطتها.
(15)- +كَلا" ما الأمر كما يقول هؤلاء المكذّبون بيوم الدين، من أن لهم عند الله زُلْفة، +إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ" فلا يرونه، ولا يرون شيئا من كرامته يصل إليهم.
(16)- +ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ" ثم إنهم لوَارِدُو الجحيم، فمشويُّون فيها.
(17)- +ثُمَّ يُقَالُ" لهؤلاء المكذّبين بيوم الدين: +هَذَا" هذا العذاب الذي أنتم فيه اليوم، هو العذاب +الَّذِي كُنْتُمْ" في الدنيا تخبرون أنكم ذائقوه +بِهِ تُكَذِّبُونَ" وتنكرونه، فذوقوه الآن، فقد صَلَيْتُم به.
(18)- +كَلا إِنَّ كِتَابَ الأبْرَارِ" والأبرار: جمع برّ، وهم الذين برّوا الله بأداء فرائضه، واجتناب محارمه +لَفِي عِلِّيِّينَ" في علوّ وارتفاع في سماء فوق سماء، وعلوّ فوق علوّ وجائز أن يكون ذلك إلى السماء السابعة، وإلى سدرة المنتهى، وإلى قائمة العرش.
(19)- +وَمَا أَدْرَاكَ" وأيّ شيء أشعرك يا محمد +مَا عِلِّيُّونَ".
(20)- +كتاب مرقوم" مكتوب بأمان من الله إياه من النار يوم القيامة، والفوز بالجنة.
(21)- +يَشْهَدُهُ" يشهد ذلك الكتاب المكتوب بأمان الله للبَرِّ من عباده من النار، وفوزه بالجنة، +الْمُقَرَّبُونَ" من ملائكته من كلّ سماء من السموات السبع.
(22)- +إِنَّ الأبْرَارَ" الذين بَرّوا باتقاء الله وأداء فرائضه، +لَفِي نَعِيمٍ" دائم، لاَ يزول يوم القيامة، وذلك نعيمهم في الجنان.
(23)- +عَلَى الأرَائِكِ" على السرر في الحجال من اللؤلؤ والياقوت +يَنْظُرُونَ" إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعيم، والحَبْرة في الجنان.
(24)- +تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ" تعرف في الأبرار الذين وصف الله صفتهم +نَضْرَةَ النَّعِيمِ" حُسنه وبريقه وتلألؤه.
(25)- +يُسْقَوْنَ" يُسقى هؤلاء الأبرار +مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ" من خمر صرف لاَ غشّ فيها.
(26)- +خِتَامُهُ مِسْكٌ" آخره وعاقبته مسك: أي هي طيبة الريح، إن ريحها في آخر شربهم يختم لها بريح المسك +وَفِي ذَلِكَ" وفي هذا النعيم الذي وصف جل ثناؤه أنه أعطى هؤلاء الأبرار في القيامة +فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"، فليجدَّ الناس فيه، وإليه فليستبقوا في طلبه، ولتحرص عليه نفوسهم.
(27)- +وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ" ومزاجه من ماء ينزل عليهم من فوقهم فينحدر عليهم.
(28)- +عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ" يشرب بها المقرّبون صِرفًا، وتمزج لأصحاب اليمين.
(29)- +إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا" إن الذين اكتسبوا المآثم، فكفروا بالله في الدنيا +كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا" الذين أقرّوا بوحدانية الله، وصدّقوا به +يضحكون" استهزاء منهم بهم.
(30)- +وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ" وكان هؤلاء الذين أجرموا إذا مرّ الذين آمنوا بهم +يَتَغَامَزُونَ" بعضهم يغمز بعضا بالمؤمن، استهزاء به وسخرية.
(31)- +وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ" وكان هؤلاء المجرمون إذا انصرفوا إلى أهلهم من مجالسهم +انْقَلَبُوا فَكِهِينَ"انصرفوا ناعمين معجَبين.
(32)- +وَإِذَا رَأَوْهُمْ" وإذا رأى المجرمون المؤمنين +قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ" عن محجة الحقّ، وسبيل القصد.
(33)- +وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ" وما بعث هؤلاء الكفار +حَافِظِينَ" عليهم أعمالهم، إنما كُلِّفوا الإيمان بالله، والعمل بطاعته، ولم يُجعلوا رُقباء على غيرهم يحفظون عليهم أعمالهم ويتفقدونها.
(34)- +فَالْيَوْمَ" وذلك يوم القيامة +الَّذِينَ آمَنُوا" بالله في الدنيا +مِنَ الْكُفَّارِ" فيها +يَضْحَكُونَ".
(35)- +عَلَى الأرَائِكِ" على سررهم +يَنْظُرُونَ" إليهم وهم في الجنة، والكفار في النار يعذّبون.
(36)- +هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ" هل أثيب الكفار وجُزُوا ثواب +مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" في الدنيا بالمؤمنين من سخريتهم منهم، وضحكهم بهم بضحك المؤمنين منهم في الآخرة، والمؤمنون على الأرائك ينظرون، وهم في النار يعذّبون؟.
ســورة الانشقاق
(1)- +إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ" تصدّعت وتقطَّعت فكانت أبوابًا.
(2)- +وَأَذِنَتْ" وَسَمِعَت السموات في تصدّعها وتشققها +لِرَبِّهَا" وأطاعت له في أمره إياها +وَحُقَّتْ" وحقق الله عليها الاستماع بالانشقاق والانتهاء إلى طاعته في ذلك.
(3)- +وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ" بُسِطَتْ، فزيدت في سعتها (4)- +وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ" أخرجت ما فيها من الموتى.
(5)- +وَأَذِنَتْ" وسمعت الأرض في إلقائها ما في بطنها من الموتى إلى ظهرها أحياء +لِرَبِّهَا"، أمر ربها وأطاعت +وَحُقَّتْ" وحقَّقها الله للاستماع لأمره في ذلك، والانتهاء إلى طاعته.
(6)- +يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا" إنك عامل إلى ربك عملا +فَمُلاقِيه" به خيرًا كان عملك ذلك أو شرًا، فليكن عملك مما يُنجيك من سُخْطه، ويوجب لك رضاه، ولا يكن مما يُسخطه عليك فتهلك.
(7)- +فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ"أعطي +كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ" كتابَ أعماله بيمينه.(8)- +فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا" بأن ينظر في أعماله، فيغفر له سيئها، ويُجازى على حُسنها. (9)- +وَيَنْقَلِبُ" وينصرف هذا المحاسَبُ حسابًا يسيرًا +إِلَى أَهْلِهِ" في الجنة +مَسْرُورًا".
(10)- +وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ" منكم أيها الناس يومئذ +وَرَاءَ ظَهْرِهِ" وذلك أن جعل يده اليمنى إلى عنقه وجعل الشمال من يديه وراء ظهره، فيتناول كتابه بشماله من وراء ظهره.
(11)- +فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا" فسوف ينادي بالهلاك، وهو أن يقول: واثبوراه، واويلاه.
(12)- +وَيَصْلَى سَعِيرًا" إنهم يَصْلونها ويَرِدونها، فيحترقون فيها.
(13)- +إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ" في الدنيا +مَسْرُورًا" لما فيه من خلافِه أمرَ الله، وركوبه معاصيه.
(14)- +إِنَّهُ ظَنَّ" في الدنيا +أَنْ لَنْ يَحُورَ" أن لن يرجع إلينا، ولن يُبعث بعد مماته، فلم يكن يبالي ما ركب من المآثم؛ لأنه لم يكن يرجو ثوابًا، ولم يكن يخشى عقابًا.
(15)- +بَلَى" بلى لَيَحُورَنَّ وَلَيَرْجِعَنّ إلى ربه حيا كما كان قبل مماته +إِنَّ رَبَّهُ" إن ربّ هذا الذي ظن أن لن يحور +كَانَ بِهِ بَصِيرًا" إذ هو في الدنيا بما كان يعمل فيها من المعاصي، وما إليه يصير أمره في الآخرة، عالم بذلك كلِّه.
(16)- +فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ" أقسم ربنا بالشفق، والشفق: الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس.
(17)- +وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ" والليل وما جمع مما سكن وهدأ فيه من ذي روح كان يطير، أو يَدِب نهارًا.
(18)- +وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ" إذا تمّ واستوى.
(19)- +لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ" خطاب للناس كافة أنهم يركبون أحوال الشدّة حالا بعد حال.
(20)- +فَمَا لَهُمْ" فما لهؤلاء المشركين +لاَ يُؤْمِنُونَ" لاَ يصدّقون بتوحيد الله، ولا يقرّون بالبعث بعد الموت، وقد أقسم لهم ربهم بأنهم راكبون طبقًا عن طبق مع ما قد عاينوا من حججه بحقيقة توحيده.
(21)- +وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ" كتاب ربهم +لاَ يَسْجُدُونَ" لاَ يخضعون ولا يستكينون.
(22)- +بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ" بآيات الله وتنزيله.
(23)- +وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ" بما تُوعيه صدور هؤلاء المشركين من التكذيب بكتاب الله ورسوله.
(24)- +فَبَشِّرْهُمْ" فبشر يا محمد هؤلاء المكذّبين بآيات الله +بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" لهم عند الله موجع
(25)- +إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا" الذين تابوا منهم وصدّقوا، وأقرّوا بتوحيده، ونبوّة نبيه محمد ×، وبالبعث بعد الممات، +وعملوا الصالحات" وأدَّوا فرائض الله، واجتنبوا ركوب ما حرّم الله عليهم ركوبه +لَهُمْ" لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات +أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ" ثواب غير محسوب ولا منقوص.
ســورة البروج
(1)- +وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ" أقسم الله جلّ ثناؤه بالسماء ذات البروج، معنى ذلك: والسماء ذات منازل الشمس والقمر، وذلك أن البروج جمع برج، وهي منازل تتخذ عالية عن الأرض مرتفعة، وهي اثنا عشر برجًا، فمسير القمر في كلّ برج منها يومان وثلث، فذلك ثمانية وعشرون منزلا ثم يستسرّ ليلتين، ومسير الشمس في كلّ برج منها شهر.
(2)- +وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ" وأقسم باليوم الذي وعدته عبادي لفصل القضاء بينهم، وذلك يوم القيامة.
(3)- +وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" أقسم – تعالى - بشاهد شَهِدَ، ومشهود شُهِدَ.
(4)- +قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ" لعن أصحاب الأخدود الذين ألقوا المؤمنين والمؤمنات في الأخدود.
(5)- +النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ" ذات الحطب الجزل.
(6)- +إِذْ هُمْ" إذ هؤلاء الكفار من أصحاب الأخدود +عَلَيْهَا قُعُودٌ" قعود على حافة الأخدود.
(7)- +وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ" حضور.
(8)- +وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ" وما وجد هؤلاء الكفار الذين فتنوا المؤمنين على المؤمنين والمؤمنات بالنار في شيء، ولا فعلوا بهم ما فعلوا بسبب +إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ" إلا من أجل أنهم آمنوا بالله، +الْعَزِيزِ" الشديد في انتقامه ممن انتقم منه +الْحَمِيدِ" المحمود بإحسانه إلى خلقه.
(9)- +الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ" الذي له سلطان السموات السبع والأرضين وما فيهنّ +وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" والله على فِعْل هؤلاء الكفار من أصحاب الأخدود بالمؤمنين الذين فتنوهم شاهد، وعلى غير ذلك من أفعالهم وأفعال جميع خلقه، وهو مجازيهم جزاءهم.
(10)- +إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا" ابْتَلَوُا +الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ" بالله بتعذيبهم، وإحراقهم بالنار +ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا" من كفرهم وفعلهم الذي فعلوا بالمؤمنين والمؤمنات من أجل إيمانهم بالله +فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ" في الآخرة +وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ" في الدنيا.
(11)- +إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا" أقرّوا بتوحيد الله، وهم هؤلاء القوم الذين حرّقهم أصحاب الأخدود وغيرهم من سائر أهل التوحيد +وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" وعملوا بطاعة الله، وأْتَمروا لأمره، وانتهَوْا عما نهاهم عنه +لَهُمْ" في الآخرة عند الله +جَنَّاتٍ" بساتين +تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ" والخمر واللبن والعسل +ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ" هذا الذي هو لهؤلاء المؤمنين في الآخرة، هو الظفر الكبير بما طلبوا والتمسوا بإيمانهم بالله في الدنيا، وعملهم بما أمرهم الله به فيها ورضيه.
(12)- +إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ" يا محمد لمن بطش به من خلقه، وهو انتقامه ممن انتقم منه +لَشَدِيدٌ" وهو تحذير من الله لقوم رسوله محمد ×، أن يُحلّ بهم من عذابه ونقمته، نظير الذي حلّ بأصحاب الأخدود على كفرهم به، وتكذيبهم رسوله، وفتنتهم المؤمنين والمؤمنات منهم.
(13)- +إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ" يُبْدِئُ العذاب لأهل الكفر به ويعيد، فأبدأ ذلك لهم في الدنيا، وهو يعيده لهم في الآخرة.
(14)- +وَهُوَ الْغَفُورُ" وهو ذو المغفرة لمن تاب إليه من ذنوبه، +الْوَدُودُ" ذو المحبة له.
(15)- +ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ" ذو العرش الكريم.
(16)- +فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" هو غفار لذنوب من شاء من عباده إذا تاب وأناب منها، معاقب من أصرّ عليها وأقام، لاَ يمنعه مانع، مِنْ فِعْل أراد أن يفعله، ولا يحول بينه وبين ذلك حائل، لأن له مُلك السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم.
(17)- +هَلْ أَتَاكَ" هل جاءك يا محمد +حَدِيثُ الْجُنُودِ" الذين تجندوا على الله ورسوله بأذاهم ومكروههم؛ قد أتاك ذلك وعلمته، فاصبر لأذى قومك إياك لما نالوك به من مكروه كما صبر الذين تجند هؤلاء الجنود عليهم من رسلي، ولا يثنيك عن تبليغهم رسالتي، كما لم يُثْن الذين أرسلوا إلى هؤلاء، فإن عاقبة من لم يصدقك ويؤمن بك منهم إلى عطب وهلاك، كالذي كان من هؤلاء الجنود.
(18)- ثم بين جلّ ثناؤه عن الجنود من هم، فقال: +فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ"أي: هل أتاك حديث الجنود، فرعون وقومه وثمود.
(19)- +بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ" ما بهؤلاء القوم الذين يكذّبون بوعيد الله أنهم لم يأتهم أنباء من قبلهم من الأمم المكذّبة رسل الله كفرعون وقومه، وثمود وأشكالهم، وما أحلّ الله بهم من النقم بتكذيبهم الرسل، ولكنهم في تكذيبهم بوحي الله وتنزيله، إيثارًا منهم لأهوائهم، واتِّباعًا منهم لسنن آبائهم.
(20)- +وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ" بأعمالهم مُحْصٍ لها، لاَ يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيهم على جميعها.
يقول - تكذيبا منه جلّ ثناؤه للقائلين للقرآن هو شعر وسجع (21)- +بَلْ" ما ذلك كذلك +هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ" كريم.
(22)- +فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ" مُثْبَت في لوح محفوظ.
ســورة الطارق
(1)- +وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ" أقسم ربنا بالسماء وبالطارق الذي يطرق ليلا من النجوم المضيئة، ويخفى نهارًا، وكل ما جاء ليلا فقد طرق.
(2)- +وَمَا أَدْرَاكَ" وما أشعرك يا محمد +مَا الطَّارِقُ" الذي أقسمتُ به، ثم بين ذلك جلّ ثناؤه، فقال: هو النجم الثاقب.
(3)- +النَّجْمُ الثَّاقِبُ" يتوقد ضياؤه ويتوهَّج. (4)- +إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ" لعليها حافظ من ربها، يحفظ عملها، ويُحصي عليها ما تكسب
(5)- +فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ" المكذّب بالبعث بعد الممات، المُنكر قُدرة الله على إحيائه بعد مماته +مِمَّ خُلِقَ" من أيّ شيءٍ خلقه ربه.
:(6)- +خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ" خلق من ماء مدفوق.
(7)- +يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" يخرج من بين ذلك، بمعنى: يخرج منهما، والترائب: موضع القِلادة من صدر المرأة.
(8)- +إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ" إن الله قادر على ردّ الإنسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيًّا، كهيئته قبل مماته لقادر.
(9)- +يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ" يوم تُخْتَبَرُ سرائر العباد، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيًا عن أعين العباد من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها، وكلَّفه العمل بها.
(10)- +فَمَا لَهُ" فما للإنسان الكافر يومئذ +مِنْ قُوَّةٍ" يمتنع بها من عذاب الله، وأليم نكاله +وَلا نَاصِرٍ" ينصره فيستنقذه ممن ناله بمكروه، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوّةٍ من عشيرته، يمتنع بهم ممن أراده بسوءٍ، وناصرٍ من حليفٍ ينصره على من ظلمه واضطهده.
(11)- +وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ" ترْجع بالغيوم وأرزاق العباد كلّ عام. (12)- +وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ" بالنبات.
(13)- +إِنَّهُ" هذا القول +لَقَوْلٌ فَصْلٌ" يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه.(14)- +وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ" وما هو باللعب ولا الباطل.
(15)- +إِنَّهُمْ" إن هؤلاء المكذّبين بالله ورسوله والوعد والوعيد +يَكِيدُونَ كَيْدًا" يمكرون مكرًا.
(16)- +وَأَكِيدُ كَيْدًا" وأمكر مكرًا؛ ومكره جلّ ثناؤه بهم: إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به.
(17)- +فَمَهِّلِ" يا محمد +الْكَافِرِينَ" ولا تعجل عليهم +أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا" أمهلهم آنًا قليلا وأنظرهم للموعد الذي هو وقت حلول النقمة بهم.
سورة الأعلى
(1)- +سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ" عظم ربك +الأعْلَى" لاَ ربّ أعلى منه وأعظم، ونزه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان.
(2)- +الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى" الذي خلق الأشياء فسوىّ خلقها، وعدّلها.
(3)- +وَالَّذِي قَدَّرَ" خلقه +فَهَدَى" هدى الإنسان لسبيل الخير والشرّ، وهدى الذكور لمأتى الإناث، والبهائم للمراتع.
(4)- +وَالَّذِي أَخْرَجَ" من الأرض +الْمَرْعَى" مرعى الأنعام من صنوف النبات وأنواع الحشيش.
(5)- +فَجَعَلَهُ" فجعل ذلك المرعى +غُثَاءً" وهو ما جفّ من النبات ويبس، فطارت به الريح؛ وإنما عُني به هاهنا أنه جعله هشيمًا يابسًا +أَحْوَى" متغيرًا إلى الحُوَّة، وهي: السواد من بعد البياض أو الخضْرة، من شدّة اليبس.
(6)- +سَنُقْرِئُكَ" يا محمد هذا القرآن +فَلا تَنْسَى" فلا تنساه.
(7)- +إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ" فلا تنسى إلا أن نشاء نحن أن نُنسيكه بنسخه ورفعه +إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ" ما أظهرته وأعلنته من عملك +وَمَا يَخْفَى" منه فلم تظهره مما كتمته، فاحذره أن يطلع عليك وأنت عامل في حال من أحوالك بغير الذي أذن لك به.
(8)- +وَنُيَسِّرُكَ" ونسهلك يا محمد +لِلْيُسْرَى" لعمل الخير وهو اليُسرَى.
(9)- +فَذَكِّرْ" عباد الله يا محمد بعظمته، وعِظْهم، وحذّرهم عقوبته +إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى" الذين قد آيستُك من إيمانهم، فلا تنفعهم الذكرى.
(10)- +سَيَذَّكَّرُ" يا محمد إذا ذكرت الذين أمرتك بتذكيرهم +مَنْ يَخْشَى" الله، ويخاف عقابه.
(11)- +وَيَتَجَنَّبُهَا" ويتجنَّب الذكرى +الأشْقَى" أشقى الفريقين
(12)- +الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى" الذي يَرِد نار جهنم، وهي النار الكبرى لشدّة الحرّ والألم.
(13)- +ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا" في النار الكبرى +وَلا يَحْيَا" وذلك أن نفس أحدهم تصير فيها في حلقه، فلا تخرج فتفارقه فيموت، ولا ترجع إلى موضعها من الجسم فيحيا. وقيل: لاَ يموت فيها فيستريح، ولا يحيا حياة تنفعه.
(14)- +قَدْ أَفْلَحَ" قد نجح وأدرك طلبته +مَنْ تَزَكَّى" من تطهَّر من الكفر ومعاصي الله، وعمل بما أمره الله به، فأدّى فرائضه.
(15)- +وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى" وذكر الله فوحَّده، ودعاه ورغب إليه +فَصَلَّى" الصلوات، وذكر الله فيها بالتحميد والتمجيد والدعاء.
(16)- +بَلْ تُؤْثِرُونَ" أيها الناس +الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" زينة الحياة الدنيا على الآخرة.
(17)- +وَالآخِرَةُ خَيْرٌ" وزينة الآخرة خير لكم أيها الناس +وَأَبْقَى" لأن الحياة الدنيا فانية، والآخرة باقية، لاَ تنفَدُ ولا تفنى.
(18-19)- +إِنَّ هَذَا" عُنِي بذلك أن قوله: +قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ..."، +لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى" صحف إبراهيم خليل الرحمن، وصحف موسى بن عمران، وأما الصحف: فإنها جمع صحيفة.
ســورة الغاشية
(1)- +هَلْ أَتَاكَ" يا محمد +حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" قصتها وخبرها، ومعنى الغاشية، هي القيامة تغشي الناس بالأهوال، وقيل: النار تغشَى وجوه الكَفَرة.
(2)- +وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ" وهي وجوه أهل الكفر به +خَاشِعَةٌ" ذليلة.
(3)- +عَامِلَةٌ" في النار +ناصِبَةٌ" فيها.
(4)- +تَصْلَى" تَرِدُ هذه الوجوه +نَارًا حَامِيَةً" قد حميت واشتد حرها.
(5)- +تُسْقَى" تسقى أصحاب هذه الوجوه من شَرَاب +مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ" قد أنَى حرّها، فبلغ غايته في شدة الحرّ.
(6)- +لَيْسَ لَهُمْ" ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة +طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ" والضريع: نبت يُقال له الشِّبْرِق، وتسميه أهل الحجاز الضَّريع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشِّبْرق، وهو سُمّ.
(7)- +لاَ يُسْمِنُ" هذا الضريع يوم القيامة أكلته من أهل النار +ولا يُغني مِنْ جُوعٍ" ولا يُشْبعهم من جوع يصيبهم.
(8)- +وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ" يوم القيامة +نَاعِمَةٌ" بتنعيم الله أهلها في جناته، وهم أهل الإيمان بالله.
(9)- +لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ" لعملها الذي عملت في الدنيا من طاعة ربها راضية
(10)- +فِي جَنَّةٍ" بستان، +عَالِيَةٍ" رفيعة.(11)- +لاَ تَسْمَعُ فِيهَا" لاَ تسمع هذه الوجوه في الجنة العالية، +لاغِيَةً" كلمة لغو واللَّغو: الباطل.
(12)- +فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ" في غير أخدود (13)- +فِيهَا سُرُرٌ" جمع سرير +مَرْفُوعَةٌ" ليرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما خوّله ربه من النعيم والملك
(14)- +وَأَكْوَابٌ" وهي جمع كوب، وهي الأباريق التي لاَ آذان لها +مَوْضُوعَة" على حافة العين الجارية، كلما أرادوا الشرب وجدوها ملأى من الشراب.
(15)- +وَنَمَارِقُ" الوسائد والمرافق +مَصْفُوفَةٌ" بعضها بجنب بعض.
(16)- +وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ" وفيها طنافس وبُسُط كثيرة مبثوثة مفروشة، والواحدة: زِرْبية، وهي الطِّنفسة التي لها خمل رقيق.
(17)- يقول – تعالى - لمُنكري قدرته على ما وصف في هذه السورة من العقاب والنكال الذي أعدّه لأهل عداوته، والنعيم والكرامة التي أعدّها لأهل ولايته: +أَفَلا يَنْظُرُونَ" أفلا ينظر هؤلاء المنكرون قُدرة الله على هذه الأمور، +إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ" كيف خلقها وسخرها لهم وذَلَّلها وجعلها تحمل حملها باركة، ثم تنهض به، والذي خلق ذلك غير عزيز عليه أن يخلق ما وصف من هذه الأمور في الجنة والنار.
(18)- +وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ" كيف رفعها الذي أخبركم أنه مُعِدّ لأوليائه ما وصف، ولأعدائه ما ذكر، فيعلموا أن قُدرته القدرةُ التي لاَ يُعجزه فعل شيء أراد فعله.
(19)- +وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ" كيف أقيمت منتصبة لاَ تسقط، فتنبسط في الأرض، ولكنها جعلها بقدرته منتصبة جامدة، لاَ تبرح مكانها، ولا تزول عن موضعها.
(20)- +وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ" كيف بُسطت.
(21)- +فَذَكِّرْ" يا محمد عبادي بآياتي، وعظهم بحججي وبلِّغهم رسالتي +إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ" إنما أرسلتك إليهم مذكرا لتذكرهم نعمتي عندهم، وتعرّفهم اللازم لهم، وتعظهم.
(22)- +لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ" لست عليهم بمُسلَّط، ولا أنت بجبار تحملهم على ما تريد؛ كِلهم إليّ، ودعهم وحكمي فيهم.
(23)- +إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ" فذكر قومك يا محمد، إلا من تولى منهم عنك، وأعرض عن آيات الله فكفر.
(24)- +فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ" هو عذاب جهنم؛ فيعذبه الله العذاب الأكبر على كفره في الدنيا، وعذاب جهنم في الآخرة.
(25)- +إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ" إن إلينا رجوع من كفر ومعادهم.
(26)- +ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ" ثم إن على الله حسابه، وهو يجازيه بما سلف منه من معصية ربه، يُعْلِمُ بذلك نبيه محمدًا × أنه المتولي عقوبته دونه، وهو المجازي والمعاقب، وأنه الذي إليه التذكير وتبليغ الرسالة.
ســورة الفجر
(1)- +وَالْفَجْرِ" أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر، وهو فجر الصبح.
(2)- +وَلَيَالٍ عَشْرٍ" هي ليالي عشر ذي الحجة.
(3)- +وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ" أقسم – تعالى - بالشفع والوتر، وكلّ شفع ووتر فهو مما أقسم به.
(4)- +وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ" والليل إذا سار فذهب.
(5)- +هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ" هل فيما أقسمت به من هذه الأمور مقنع +لِذِي حِجْرٍ" إن في هذا القسم مكتفى لمن عقل عن ربه مما هو أغلظ منه في الإقسام.
(6)- +أَلَمْ تَرَ" ألم تنظر يا محمد بعين قلبك، فترى +كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ" ؟
(7)- +إرَمَ" هي اسم قبيلة من عاد، +ذَاتِ الْعِمَادِ" عُنِيَ به طول أجسامهم، وقيل أنه عُنِيَ به عماد خيامهم.
(8)- +الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ" إرم التي لم يُخْلق مثلها في العِظَم والبطش والأيد؛ وذكر أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طولا في السماء.
(9)- +وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي" وبثمود الذين خرقوا الصخر ودخلوه فاتخذوه بيوتا، كما قال جلّ ثناؤه: +وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ".
(10)- +وَفِرْعَوْنَ" ألم تر كيف فعل ربك أيضا بفرعون +ذِي الأوْتَادِ" صاحب الأوتاد، ووصف بذلك لأنه إما أن يكون كان يعذّب الناس بها، وإما أن يكون كان يُلعب له بها.
(11)- +الَّذِينَ" عادًا وثمود وفرعون وجنده، +طَغَوْا" تجاوزوا ما أباحه لهم ربهم، وعتوا على ربهم إلى ما حظره عليهم من الكفر به +فِي الْبِلادِ" التي كانوا فيها.
(12)- +فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ" فأكثروا في البلاد المعاصي، وركوب ما حرّم الله عليهم.
(13)- +فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ" فأنزل بهم يا محمد ربك +سَوْطَ عَذَابٍ" عذابه، وأحلّ بهم نقمته، بما أفسدوا في البلاد، وطغَوْا على الله فيها.
(14)- +إِنَّ رَبَّكَ" يا محمد لهؤلاء الذين قصصت عليك قَصَصَهم، ولِضُرَبائهم من أهل الكفر، +لَبِالْمِرْصَادِ" يرصدهم بأعمالهم في الدنيا وفي الآخرة، على قناطر جهنم، ليكردسهم فيها إذا وردوها يوم القيامة. (15)- +فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ" إذا ما امتحنه ربه بالنعم والغنى +فأكْرَمَهُ" بالمال، وأفضل عليه، +وَنَعَّمَهُ" بما أوسع عليه من فضله +فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ" فيفرح بذلك ويسرّ به ويقول: ربي أكرمني بهذه الكرامة.
(16)- +وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ" وأما إذا ما امتحنه ربه بالفقر +فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ" فضيَّق عليه رزقه وقَتَّره، فلم يكثر ماله، ولم يوسع عليه +فَيَقُولُ" ذلك الإنسان: +رَبِّي أَهَانَنِ" أذلني بالفقر، ولم يشكر الله على ما وهب له من سلامة جوارحه، ورزقه من العافية في جسمه.
(17)- +كَلا" أنكر جلّ ثناؤه أن يكون سبب كرامته من أكرم كثرة ماله، وسبب إهانته من أهان قلة ماله، +بَل لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ" بل إنما أهنت من أهَنت من أجل أنه لاَ يكرم اليتيم، فأخرج الكلام على الخطاب، فقال: بل لستم تكرمون اليتيم، فلذلك أهنتكم.
(18)- +وَلا تَحَاضُّونَ" ولا يحضّ بعضكم بعضًا +عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ".
(19)- +وَتَأْكُلُونَ" أيها الناس +التُّرَاثَ" الميراث +أَكْلا لَمًّا" أكلا شديدًا لاَ تتركون منه شيئا.
(20)- +وَتُحِبُّونَ الْمَالَ" وتحبون جمع المال أيها الناس واقتناءه +حُبًّا جَمًّا" كثيرا شديدا.
(21)- +كَلا" ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. ثم أخبر جلّ ثناؤه عن ندمهم على أفعالهم السِّيئة في الدنيا، وتلهُّفهم على ما سلف منهم حين لاَ ينفعهم الندم، فقالّ: +إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا" إذا رجت وزُلزلت زلزلة، وحرّكت تحريكا بعد تحريك.
(22)- +وَجَاءَ رَبُّكَ" يا محمد +وَالْمَلَكُ" وأملاكه +صَفًّا صَفًّا" صفوفا صفا بعد صفّ.
(23)- +وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ" وجاء الله يومئذ بجهنم +يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ" تفريطه في الدنيا في طاعة الله، وفيما يقرّب إليه من صالح الأعمال +وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى" من أيّ وجه له التذكير.
(24)- يقول تعالى مخبرا عن تلهُّف ابن آدم يوم القيامة، وتندّمه على تفريطه في الصَّالِحات من الأعمال في الدنيا التي تورثه بقاء الأبد في نعيم لاَ انقطاع له، +يقول يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي" في الدنيا من صالح الأعمال لحياتي هذه، التي لاَ موت بعدها، ما ينجيني من غضب الله، ويوجب لي رضوانه.
(25)- +فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ" فيومئذ لاَ يعذَّب بعذاب الله أحد في الدنيا.
(26)- +وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ" ولا يوثق كوثاقه يومئذ أحد في الدنيا.
(27)- يقول - تعالى - مخبرا عن قيل الملائكة لأوليائه يوم القيامة: +يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ" التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدّقت بذلك.
(28)- +ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً" هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قيل الملائكة لنفس المؤمن عند البعث، تأمرها أن ترجع في جسد صاحبها.
(29-30)- +فَادْخُلِي فِي عِبَادِي" فادخلي في عبادي الصالحين +وَادْخُلِي جَنَّتِي".
ســورة البلد
(1)- +لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ" أقسم يا محمد بهذا البلد الحرام، وهو مكة.
(2)- +وَأَنْتَ" يا محمد +حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ" بمكة؛ أنت به حلال تصنع فيه مِنْ قَتْلِ مَنْ أردت قتلَه، وأَسْرِ من أردت أسره، مُطْلَقٌ ذلك لك.
(3)- +وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ" فأقسم بوالد وبولده الذي وَلَد.
(4)- +لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ" ابن آدم +فِي كَبَدٍ" في شدّة وعناء ونصب، وهذا هو جواب القسم.
(5)- +أَيَحْسَبُ" هذا القويّ بجَلَده وقوّته +أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ" أن لن يقهره أحد ويغلبه، فالله غالبه وقاهره، وذُكر أن ذلك نزل في رجل بعينه من بني جُمح، كان يُدعى أبا الأشدّ، وكان شديدًا.
(6)- +يَقُولُ" هذا الجليد الشديد +أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا" كثيرا، في عداوة محمد ×، فأنفقت ذلك فيه، وهو كاذب في قوله ذلك.
(7)- +أَيَحْسَبُ" أيظن هذا القائل +أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ" أن لم يره أحد في حال إنفاقه يزعم أنه أنفقه.
(8)- +أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ" يبصر بهما حجج الله عليه.
(9)- +وَلِسَانًا" يعبر به عن نفسه ما أراد +وَشَفَتَيْنِ"نعمة منا بذلك عليه.
(10)- +وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" الطريقين، عُنِي بذلك طريق الخير والشرّ.
(11)- +فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ" فلم يركب العقبة فيقطعها ويحوزها.
(12)- +وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ" وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما العقبة.
(13)- ثم بين جلّ ثناؤه له، ما العقبة، وما النجاة منها، وما وجه اقتحامها؟ فقال: اقتحامها وقطعها +فَكُّ رَقَبَةٍ" من الرقّ، وأسر العبودة.
(14)- +أَوْ إِطْعَامٌ" أو أطعم +فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ" ذي مجاعة.
(15)- +يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ" أو أطعم في يوم مجاعة صغيرًا لاَ أب له من قرابته، وهو اليتيم ذو المقرَبة.
(16)- +أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ" أو مسكينا قد لصق بالتراب من الفقر والحاجة.
(17)- +ثُمَّ كَانَ" ثم كان هذا الذي قال: +أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا" +مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا" بالله ورسوله، فيؤمن معهم كما آمنوا +وَتَوَاصَوْا" وممن أوصى بعضهم بعضا +بِالصَّبْرِ" على ما نابهم في ذات الله +وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ" وأوصى بعضهم بعضًا بالمرحمة.
(18)- +أُولَئِكَ" الذين فعلوا هذه الأفعال التي ذكرتها، من فكّ الرقاب، وإطعام اليتيم، وغير ذلك، +أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ" أصحاب اليمين، الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين إلى الجنة.
(19)- +وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا" بأدلتنا وأعلامنا وحججنا من الكتب والرُّسل وغير ذلك +هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ" هم أصحاب الشمال يوم القيامة الذين يؤخذ بهم ذات الشمال.
(20)- +عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ" عليهم نار جهنم يوم القيامة مُطْبَقة.
ســورة الشمس
(1)- +وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا" قسم؛ أقسم - جلّ ثناؤه - بالشمس ونهارها.
(2)- +وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا" والقمر إذا تبع الشمس، وذلك في النصف الأوّل من الشهر، إذا غُربت الشمس، تلاها القمر طالعا.
(3)- +وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا" إذا أضاء. (4)- +وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا" يغشي الشمس، حتى تغيب فَتُظْلِمُ الآفَاقُ.
(5)- +وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا" والسماء ومَنْ خَلَقها، وبناؤه إياها: تصييره إياها للأرض سقفا.
(6)- +وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا" والأرض ومَنْ بسطها يمينا وشمالا ومن كلّ جانب.
(7)- +وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا" يقسم - جلّ ثناؤه - بقوله: +وَمَا سَوَّاهَا" بنفسه؛ لأنه هو الذي سوّى النفس وخلقها، فعدّل خلقها، فوضع+ما" موضع+مَنْ" ويُحتمل: أن يكون معنى ذلك: ونفس وتسويَتها، فيكون القسم بالنفس وبتسويتها.
(8)- +فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا" فبين لها ما ينبغي لها أن تأتي أو تذر من خير، أو شرّ أو طاعة، أو معصية.
(9)- +قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا" قد أفلح من زكَّى الله نفسه، فكثَّر تطهيرها من الكفر والمعاصي، وأصلحها بالصالحات من الأعمال.
(10)- +وَقَدْ خَابَ" في طِلبته، فلم يُدرك ما طلب +مَنْ دَسَّاهَا" من دَسَّس الله نفسه فأَخْمَلها، ووضع منها، بخُذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصِيَ.
(11)- +كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا" بطغيانها، يعني: بعذابها الذي وعدهموه صالح عليه السلام، فكان ذلك العذاب طاغيا طغى عليهم.
(12)- +إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا" إذ ثار أشقى ثمود، وهو قُدَار بن سالف.
(13)- +فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ" صالحٌ لثمودَ +نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا" احذروا ناقة الله وسُقياها، وإنما حذّرهم سُقيا الناقة، لأنه كان تقدّم إليهم عن أمر الله، أن للناقة شِربَ يوم، ولهم شِرْب يومٍ آخر، غير يوم الناقة.
(14)- +فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا" فكذّبوا صالحا في خبره الذي أخبرهم به، من أن الله الذي جعل شِرْبَ الناقة يوما، ولهم شِرْبُ يوم معلوم، وأن الله يُحِلّ بهم نقمته، إن هم عقروها.
+فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ" فدمَّر عليهم +رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ" ذلك، وكفرهم به، وتكذيبهم رسوله صالحا، وعقرهم ناقته +فَسَوَّاهَا" فسوّى الدمدمة عليهم جميعهم، فلم يُفْلِت منهم أحد. (15)- +وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا" ولا يخاف تبعة دمدمته عليهم.
ســورة الليل
(1)- يقول تعالى مقسما بالليل إذا غشَّى النهار بظلمته، فأذهب ضوءه، وجاءت ظُلمته +وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى" النهار.
(2)- +وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى" أقسم بالنهار إذا هو أضاء فأنار، وظهر للأبصار. ما كانت ظلمة الليل قد حالت بينها وبين رؤيته وإتيانه إياها عِيانا.
(3)- +وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى" ذلك قسم من الله جلّ ثناؤه بخالق الذّكر والأنثى، وهو- سبحانه - ذلك الخالق، وقد يكون قسما بخلقه الذكرَ والأنثى.
(4)- +إِنَّ سَعْيَكُمْ" عَمَلَكُمْ +لَشَتَّى" لمختلف أيها الناس، لأن منكم الكافر بربه، والعاصي له في أمره ونهيه، والمؤمن به، والمطيع له في أمره ونهيه، وهذا هو جواب القسم.
(5)- +فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى" منكم أيها الناس في سبيل الله، ومن أمَرَه الله بإعطائه من ماله، وما وهب له من فضله، واتقى الله واجتنب محارمه.
(6)- +وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى" وصدّق بالخلَف من الله على إعطائه ما أعطى من ماله فيما أعْطَى فيه مما أمره الله بإعطائه فيه.
(7)- +فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى" فسنهيئه للخلة اليسرى، وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا، ليوجب له به في الآخرة الجنة.
(8)- +وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ" بالنفقة في سبيل الله، ومنع ما وهب الله له من فضله، +وَاسْتَغْنَى" عن ربه، فلم يرغب إليه بالعمل له بطاعته
(9)- +وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى" وكذّب بالخَلَف من الله.(10)- +فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى" فسنهيئه في الدنيا للخلة العُسرى، وهي العمل بما يكرهه ولا يرضاه.
(11)- +وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ" أي شيء يدفع عن هذا الذي بخل بماله، واستغنى عن ربه، ماله يوم القيامة +إِذًا" هو +تَرَدَّى" في جهنم: أي سقط فيها فَهَوى.
(12)- +إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى" بيانَ الحقّ من الباطل، والطاعة من المعصية.
(13)- +وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى" وإن لنا ملك ما في الدنيا والآخرة، نعطي منهما من أردنا من خلقنا، ونحرمه من شئنا.
(14)- +فَأَنْذَرْتُكُمْ" أيها الناس +نَارًا تَلَظَّى" تتوهَّج، وهي نار جهنم؛ احذروا أن تعصوا ربكم في الدنيا، وتكفروا به، فَتصْلَونها.
(15)- +لاَ يَصْلاهَا" لاَ يدخلها فيصلى بسعيرها +إِلاَّ الأشْقَى" (16)- +الَّذِي كَذَّبَ" بآيات ربه، +وَتَوَلَّى" وأعرض عنها، ولم يصدق بها.
(17)- +وَسَيُجَنَّبُهَا" وسيوقَّى صِلِيَّ النار التي تلظَّى +الأتْقَى" التقيُّ.
(18)- +الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ" الذي يعطي ماله في الدنيا في حقوق الله التي ألزمه إياها +يَتَزَكَّى" يتطهر بإعطائه ذلك من ذنوبه.
(19)- +وَمَا لأحَدٍ" وما لأحد من خلق الله +عِنْدَهُ" عند هذا الذي يؤتي ماله في سبيل الله يتزكى +مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى" من يد يكافئه عليها؛ ليس ينفق ما ينفق من ذلك، ويعطي ما يعطي، مجازاة إنسان يجازيه على يد له عنده، ولا مكافأة له على نعمة سلفت منه إليه، أنعمها عليه، ولكن يؤتيه في حقوق الله ابتغاء وجه الله، وقيل أنها نزلت في أبي بكر بعِتْقه من أعتق.
(20)- +إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى" وما يؤتي الذي يؤتي من ماله ملتمسا من أحد ثوابه، إلا ابتغاء وجه ربه.
(21)- +وَلَسَوْفَ يَرْضَى" هذا المؤتِي مالَه في حقوق الله عزّ وجلّ، يتزكى بما يثيبه الله في الآخرة عوضًا مما أتى في الدنيا في سبيله، إذا لقي ربه تبارك وتعالى.
ســورة الضحى
(1)- +وَالضُّحَى" أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالضحى، وهو النهار كله. (2)- +وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى" سكن بأهله، وثبت بظلامه.
(3)- +مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ" ما تركك يا محمد ربك +وَمَا قَلَى" وما أبغضك، وهذا هو جواب القسم.
(4)- +وَلَلآخِرَةُ" وللدار الآخرة، وما أعد الله لك فيها، +خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى" من دار الدنيا وما فيها؛ فلا تحزن على ما فاتك منها، فإن ما لك عند الله خير لك منها.
(5)- +وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ" يا محمد في الآخرة من فواضل نعمه، +فَتَرْضَى" حتى ترضى.
(6)- يقول - تعالى - مُعدّدا على نبيه محمد × نعمه عنده، ومذكِّره آلاءه قِبَله: +أَلَمْ يَجِدْكَ" يا محمد ربك +يَتِيمًا فَآوَى" فجعل لك مأوى تأوي إليه، ومنزلا تنزله.
(7)- +وَوَجَدَكَ ضَالا" ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم +فَهَدَى".
(8)- +وَوَجَدَكَ عَائِلا" فقيرا +فَأَغْنَى" فأغناك.
(9)- +فَأَمَّا الْيَتِيمَ" يا محمد +فَلا تَقْهَرْ" فلا تظلمه، فتذهب بحقه، استضعافًا منك له.
(10)- +وَأَمَّا السَّائِلَ" وأما من سألك من ذي حاجة +فَلا تَنْهَرْ" فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته.
(11)- +وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" فاذكره.
ســورة الشرح
(1)- يقول - تعالى - لنبيه محمد ×، مذكِّره آلاءه عنده، وإحسانه إليه، حاضا له بذلك على شكره، على ما أنعم عليه، ليستوجب بذلك المزيد منه:+أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ" يا محمد، للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحقّ +صَدْرِكَ" فنلِّين لك قلبك، ونجعله وعاء للحكمة.
(2)- +وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ" وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها
(3)- +الَّذِي أَنْقَض ظَهْرَكَ" الذي أثقل ظهرك فأوهنه.
(4)- +وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ" فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي، وذلك قول: لاَ إله إلا الله، محمد رسول الله.
(5)- +فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ" فإنّ مع الشدّة التي أنت فيها من جهاد هؤلاء المشركين، +يُسْرًا" رجاء وفرجا بأن يُظْفِرَكَ بهم، حتى ينقادوا للحقّ الذي جئتهم به طوعا وكَرها.
(6)- إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"
(7)- +فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ" أمر – تعالى- نبيه أن يجعل فراغه من كلّ ما كان به مشتغلا من أمر دنياه وآخرته، مما أدّى له الشغل به، وأمره بالشغل به، إلى النصب في عبادته، والاشتغال فيما قرّبه إليه، ومسألته حاجاته.
(8)- +وَإِلَى رَبِّكَ" يا محمد +فَارْغَبْ" فاجعل رغبتك، دون من سواه من خلقه، إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد.
ســورة التين
(1)- +وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ" أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون، وعُنِي بالتين: التين الذي يؤكل، والزيتون: الزيتون الذي يُعْصر.
(2)- +وَطُورِ سِينِينَ" هو جبل موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه ومسجده.
(3)- +وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ" الآمن من أعدائه أن يحاربوا أهله، أو يغزوهم، عني به: مكة.
(4)- +لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" في أحسن صورة وأعدلها، وهذا هو جواب القسم.
(5)- +ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ" إلى أرذل العمر، إلى عمر الخَرْفَى، الذين ذهبت عقولهم من الهِرَم والكِبر
(6)- +إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" ثم رددناه إلى أرذل العمر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال صحتهم وشبابهم، ف+فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ" غير منقوص بعد هرمهم كما كان له أيام صحته وشبابه وهم أقوياء على العمل
(7)- +فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ" فمن يكذّبك يا محمد بعد هذه الحجج التي احتججنا بها، +بِالدِّينِ" بطاعة الله، وما بعثك به من الحقّ، وأن الله يبعث من في القبور.
(8)- +أَلَيْسَ اللَّهُ" يا محمد +بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ" بأحكم من حكم في أحكامه، وفصل قضائه بين عباده؟
ســورة العلق
(1)- +اقْرَأْ" يا محمد +بِاسْمِ رَبِّكَ" بذكر ربك +الَّذِي خَلَقَ" (2)- ثم بين الذي خلق فقال: +خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ" من الدم.
(3)- +اقْرَأْ" يا محمد +وَرَبُّكَ الأكْرَمُ"(4)- +الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" خَلْقَهُ للكتابة والخط، قيل: إن هذه أوّل سورة نزلت في القرآن على رسول الله ×.
(5)- +عَلَّمَ الإنْسَانَ" الخطّ بالقلم +مَا لَمْ يَعْلَمْ" ولم يكن يَعْلَمُهُ، مع أشياء غير ذلك، مما علمه ولم يكن يعلمه.
(6)- +كَلا" ما هكذا ينبغي أن يكون الإنسان أن يُنْعِم عليه ربُّه بتسويته خَلقه، وتعليمه ما لم يكن يعلم، وإنعامه بما لاَ كُفءَ له، ثم يكفر بربه الذي فعل به ذلك، ويطغى عليه، أن رآه استغنى +إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى" يتجاوز حدّه، ويستكبر على ربه فيكفر به.
(7)- +أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى" لأن رأى نفسه استغنت (8)- +إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى" مَرْجِعَه، فذائق من أليم عقابه ما لاَ قبل له به.
(9-10)- +أَرَأَيْتَ" يا محمد +الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى" يعني: أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصلي عند المقام، وهو مُعرض عن الحقّ، مكذّب به. يُعجِّب جلّ ثناؤه نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل، وجراءته على ربه، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه، وهو مع أياديه عنده مكذّب به.
(11)- +أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ" محمد +عَلَى الْهُدَى" على استقامة وسَدَاد في صلاته لربه.
(12)- +أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى" أو أمر محمد هذا الذي ينهي عن الصلاة، باتقاء الله، وخوف عقابه.
(13)- +أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ" أبو جهل بالحق الذي بعث به محمدًا +وَتَوَلَّى" وأدبر عنه، فلم يصدِّق به.
(14)- +أَلَمْ يَعْلَمْ" أبو جهل إذ ينهى محمدا عن عبادة ربه، والصلاة له +بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى"، بأن الله يراه فيخاف سطوته وعقابه.
(15)- +كَلا" ليس كما قال: إنه يطأ عنق محمد؛ لاَ يقدر على ذلك، ولا يصل إليه +لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ" لئن لم ينته أبو جهل عن محمد +لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ" لنأخذنّ بمقدم رأسه، فلنضمنه ولنُذلنه؛ وقيل: لنأخذنّ بناصيته إلى النار، كما قال: +فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ".
(16)- +نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ" وصف الناصية بالكذب والخطيئة، والمعنى لصاحبها.
(17)- +فَلْيَدْعُ" أبو جهل +نَادِيَهُ" أهل مجلسه وأنصاره، من عشيرته وقومه، لأن أبا جهل لما نهى النبيّ × عن الصلاة عند المقام، انتهره رسول الله ×، وأغلظ له، فقال أبو جهل: علام يتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟ فقال جلّ ثناؤه: +لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ"، فليدع حينئذ ناديه، فإنه إن دعا ناديه، دعونا الزبانية.
(18)- +سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ" الملائكة.
(19)- +كُلا" ليس الأمر كما يقول أبو جهل، إذ ينهي محمدًا عن عبادة ربه، والصلاة له +لاَ تُطِعْهُ" لاَ تُطع أبا جهل فيما أمرك به من ترك الصلاة لربك +وَاسْجُدْ" لِرَبّكَ +وَاقْتَرَبَ" منه، بالتحبب إليه بطاعته، فإن أبا جهل لن يقدر على ضرّك، ونحن نمنعك منه.
ســورة القدر
(1)- +إِنَّا أَنزلْنَاهُ" إنا أنزلنا هذا القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا +فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" وهي ليلة الحُكْم التي يقضي الله فيها قضاء السنة.
(2)- +وَمَا أَدْرَاكَ" وما أشعرك يا محمد +مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ" أيّ شيء ليلة القدر.
(3)- +لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" العمل في ليلة القدر بما يرضي الله، خير منَ العمل في غيرها ألف شهر.
(4)- +تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا" تنزل الملائكة وجبريل معهم - وهو الروح - في ليلة القدر +بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ" قضاه الله في تلك السنة، من رزق وأجل وغير ذلك.
(5)- +سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" سلام ليلة القدر من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها.
ســورة البينة
(1)- +لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ" لمفترقين في أمر محمد، +حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ" وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه، رسول من الله.
(2)- +رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ" حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله، ببعثة الله إياه إليهم +يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً" يقرأ صحفا مطهرة من الباطل.
(3)- +فِيهَا" في الصحف المطهرة +كُتُبٌ" من الله +قَيِّمَةٌ" عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ، لأنها من عند الله.
(4)- +وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ" وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد ×، فكذّبوا به، +إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ" إلا من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى +الْبَيِّنَةُ" بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، فلما بعثه الله تفرّقوا فيه، فكذّب به بعضهم، وآمن بعضهم، وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.
(5)- +وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ" وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله +مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ" مفردين له الطاعة، لاَ يخلطون طاعتهم ربهم بشرك، فأشركت اليهود بربها بقولهم إن عُزَيرا ابن الله، والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك، وجحودهم نبوة محمد × +حُنَفَاءَ" مستقيمين لله على إخلاص التوحيد له، وإفراد الطاعة والعبادة له خالصا دون الأوثان والأصنام +وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ" وليقيموا الصلاة، وليؤتوا الزكاة +وَذَلِكَ" هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، هو +دِينُ الْقَيِّمَةِ" المستقيمة العادلة.
(6)- +إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا" بالله ورسوله محمد ×، فجحدوا نبوّته +مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ" من اليهود والنصارى +والْمُشْرِكِينَ" جميعهم +فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا" ماكثين لابثين فيها أَبَدًا لاَ يخرجون منها، ولا يموتون فيها +أُولَئِكَ" هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين +هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ"، هم شرّ من برأه الله وخلقه.
(7)- +إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا" بالله ورسوله محمد عبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء +وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ"، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطاعوا الله فيما أمر ونهى +أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" من فعل ذلك من الناس فهم خير البرية.
(8)- +جَزَاؤُهُمْ" ثواب هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات عند +عِنْدَ رَبِّهِمْ" يوم القيامة +جَنَّاتِ عَدْنٍ" بساتين إقامَة لاَ ظعن فيها +تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" تجري من تحت أشجارها الأنهار +خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا" ماكثين فيها أبدًا، لاَ يخرجون عنها، ولا يموتون فيها +رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ" بما أطاعوه في الدنيا، وعملوا لخلاصهم من عقابه في ذلك +وَرَضُوا عَنْهُ" بما أعطاهم من الثواب يومئذ، على طاعتهم ربهم في الدنيا، وجزاهم عليها من الكرامة، +ذَلِكَ" هذا الخير الذي وصفته، ووعدته الذين آمنوا وعملوا الصالحات يوم القيامة، +لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ" لمن خاف الله في الدنيا في سرّه وعلانيته، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه.
ســورة الزلزلة
(1)- +إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ" لقيام الساعة +زِلْزَالَهَا" فرُجَّت رجًّا.
(2)- +وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا" ما في بطنها من الموتى أحياء، والميت في بطن الأرض ثقل لها، وهو فوق ظهرها حيا ثقل عليها.
(3)- +وَقَالَ الإنْسَانُ" وقال الناس إذا زلزلت الأرض لقيام الساعة +مَا لَهَا" ما للأرض وما قصتها.
(4)- +يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا" يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة، وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها،
(5)- +بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا" بوحي الله إليها، وإذنه لها بذلك.
(6)- +يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ" عن موقف الحساب +أَشْتَاتًا" فِرَقا متفرقين، فآخذ ذات اليمين إلى الجنة، وآخذ ذات الشمال إلى النار، +لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ" فيرى المحسن في الدنيا، المطيع لله عمله وما أعد الله له يومئذ من الكرامة، على طاعته إياه كانت في الدنيا، ويرى المسيء العاصي لله عمله وجزاء عمله وما أعدّ الله له من الهوان والخزي في جهنم على معصيته إياه كانت في الدنيا، وكفره به.
(7)- +فَمَنْ يَعْمَلْ" فمن عمل في الدنيا +مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا" وزن ذرة من خير +يَرَهُ" يرى ثوابه هنالك.
(8)- +وَمَنْ يَعْمَلْ" ومن كان عمل في الدنيا +مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا" وزن ذرة من شر +يَرَهُ" يرى جزاءه هنالك.
ســورة العاديات
(1)- +وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا" الخيل التي تعدو، وهي تحمحم.
(2)- +فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا" أقسم – تعالى - بالموريات التي توري النيران قدحا; فالخيل توري بحوافرها، والناس يورونها بالزند، واللسان - مثلا - يوري بالمنطق، والرجال يورون بالمكر - مثلا -، وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها: إذا التقت في الحرب، فكل ما أورت النار قدحا، فداخلة فيما أقسم به.
(3)- +فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا" الخيل تغير في سبيل الله.
(4)- +فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا" فرفعن بالوادي غبارا.
(5)- +فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا" فوسطن بركبانهن جمع القوم.
(6)- +إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ" لكفور لنعم ربه.
(7)- +وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ" إن الله على كُنوده ربَّه +لَشَهِيدٌ" لشاهد.
(8)- +وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ" وإن الإنسان لحب المال لشديد.
(9)- +أَفَلا يَعْلَمُ" هذا الإنسان الذي هذه صفته +إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ" إذا أثير ما في القبور، وأخرج ما فيها من الموتى وبحث.
(10)- +وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ" وميز وبين، فأبرز ما في صدور الناس من خير وشر.
(11)- +إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ" إن ربهم بأعمالهم، وما أسرّوا في صدورهم، وأضمروه فيها، وما أعلنوه بجوارحهم منها، +لَخَبِيرٌ" عليم لاَ يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيهم على جميع ذلك يومئذ.
ســورة القارعة
(1)- +الْقَارِعَةُ": الساعة التي يقرع قلوب الناس هولُها، وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة لاَ ليل بعدها.
(2)- +مَا الْقَارِعَةُ" ما أعظمها وأفظعها وأهولها.
(3)- +وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ" وما أشعرك يا محمد أيّ شيء القارعة.
(4)- +يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ" وهو الذي يتساقط في النار والسراج، ليس ببعوض ولا ذباب، +الْمَبْثُوثِ" المُفرَّق.
(5)- +وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ" كالصوف المنفوش؛ والعِهْن: هو الألوان من الصوف.
(6)- +فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ" موازين حسناته.
(7)- +فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ" في عيشة قد رضيها في الجنة.
(8)- +وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ" وأما من خفّ وزن حسناته.
(9)- +فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ" فمأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه في جهنم.
(10)- +وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ" وما أشعرك يا محمد ما الهاوية.
(11)- +نَارٌ حَامِيَةٌ" التي قد حميت من الوقود عليها.
ســورة التكاثر
(1)- +أَلْهَاكُمُ" أيها الناس +التَّكَاثُرُ" المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم، وعما ينجيكم من سخطه عليكم.
(2)- +حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ" حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها؛ وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأن الله - تعالى - أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور وعيدا منه لهم وتهدّدا.
(3)- +كَلا" كلا ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، أن يُلْهِيَكُم التكاثر، +سَوْفَ تَعْلَمُونَ" سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، أيها الذين ألهاهم التكاثر، غبّ فعلكم، واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعة الله ربكم.
(4)- +ثُمَّ كَلا" ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا أن يلهيكم التكاثر بالأموال، وكثرة العدد، +سَوْفَ تَعْلَمُونَ" إذا زرتم المقابر، ما تلقون إذا أنتم زرتموها، من مكروه اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر.
(5)- +كَلا" ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، أن يلهيكم التكاثر أيها الناس، +لَوْ تَعْلَمُونَ" أيها الناس +عِلْمَ الْيَقِينِ" علما يقينا، أن الله باعثكم يوم القيامة من بعد مماتكم من قبوركم ما ألهاكم التكاثر عن طاعة الله ربكم، ولسارعتم إلى عبادته، والانتهاء إلى أمره ونهيه، ورفض الدنيا إشفاقا على أنفسكم من عقوبته.
(6)- +لَتَرَوُنَّ" أيها المشركون +الْجَحِيمَ" جهنم يوم القيامة.
(7)- +ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ"عيانا لاَ تغيبون عنها.
(8)- +ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ" ثم ليسألنكم الله عزّ وجلّ +عَنِ النَّعِيمِ" الذي كنتم فيه في الدنيا: ماذا عملتم فيه، من أين وصلتم إليه، وفيم أصبتموه، وماذا عملتم به.
ســورة العصر
(1)- +وَالْعَصْرِ" قسم؛ أقسم ربنا – تعالى ذكره - بالدهر.
(2)- +إِنَّ الإنْسَانَ" إن ابن آدم +لَفِي خُسْرٍ" لفي هلَكة ونقصان.
(3)- +إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا" إلا الذين صدّقوا الله ووحَّدوه، وأقرّوا له بالوحدانية والطاعة +وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" وأدّوا ما لزمهم من فرائضه، واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصيه، +وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ" وأوصى بعضهم بعضا بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه، من أمره، واجتناب ما نهى عنه فيه، +وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على العمل بطاعة الله.
ســورة الهمزة
(1)- +وَيْلٌ" الوادي يسيل من صديد أهل النار وقيحهم، +لِكُلِّ هُمَزَةٍ" لكل مغتاب للناس، يغتابهم ويبغضهم، +لُمَزَةٍ" الذي يعيب الناس، ويطعن فيهم.
(2)- +الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ" وأحصى عدده، ولم ينفقه في سبيل الله، ولم يؤد حق الله فيه، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه.
(3)- +يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ" الذي جمعه وأحصاه، وبخل بإنفاقه +أَخْلَدَهُ" مخلده في الدنيا، فمزيل عنه الموت.
(4)- +كَلا" ما ذلك كما ظنّ، ليس ماله مخلِّده، +لَيُنْبَذَنَّ" ليُقذفنّ يوم القيامة +فِي الْحُطَمَةِ" والحطمة: اسم من أسماء النار، سميت بذلك لحطمها كلّ ما ألقي فيها.
(5)- +وَمَا أَدْرَاكَ" وأيّ شيء أشعرك يا محمد +مَا الْحُطَمَةُ" (6)- ثم أخبره عنها ما هي، فقال: هي +نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ".
(7)- +الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ" التي يطلع ألمها ووهجها القلوب.
(8)- +إِنَّهَا" إن الحطمة التي وصفت صفتها +عَلَيْهِمْ" على هؤلاء الهمازين اللمازين +مُؤْصَدَةٌ" مطبقة.
(9)- +فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ" أنهم يعذّبون بعمد في النار.
ســورة الفيل
(1)- +أَلَمْ تَرَ" ألم تنظر يا محمد بعين قلبك، فترى بها +كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" الذين قَدِموا من اليمن يريدون تخريب الكعبة من الحبشة ورئيسهم أبرهة الحبشيّ الأشرم.
(2)- +أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ" ألم يجعل سعي الحبشة أصحاب الفيل في تخريب الكعبة +فِي تَضْلِيلٍ" في تضليلهم عما أرادوا وحاولوا من تخريبها.
(3)- +وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ" ربك +طَيْرًا أَبَابِيلَ" متفرقة، يتبع بعضها بعضا من نواح شتي.
(4)- +تَرْمِيهِمْ" ترمي هذه الطير على أصحاب الفيل، +بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ" من طين.
(5)- +فَجَعَلَهُمْ" فجعل الله أصحاب الفيل +كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ" كزرع أكلته الدواب فراثته، فيبس وتفرّقت أجزاؤه; شبَّه تقطُّع أوصالهم بالعقوبة التي نزلت بهم، وتفرّق آراب أبدانهم بها، بتفرّق أجزاء الروث، الذي حدث عن أكل الزرع.
ســورة قريش
(1)- +لإيلافِ قُرَيْشٍ" اِعجَبْ يا محمد لِنعَم الله على قريش، في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف.
(2)- +إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ" رحلة قريش الرحلتين: إحداهما إلى الشام في الصيف، والأخرى إلى اليمن في الشتاء.
(3)- فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك +فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ" فليقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة، وليعبدوا ربّ هذا البيت، يعني: الكعبة.
(4)- +الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ" الذي أطعم قريشا من جوع.
(5)- +وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ" آمنهم مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات والحروب والقتال، والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض.
ســورة الماعون
(1)- +أرأيت" يا محمد +الذي يكذب بالدين" الذي يكذّب بثواب الله وعقابه، فلا يطيعه في أمره ونهيه.
(2)- +فَذَلِكَ" فهذا الذي يكذِّب بالدين، +الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ" هو الذي يدفع اليتيم عن حقه، ويظلمه.
(3)- +وَلا يَحُضُّ" ولا يحثّ غيره +عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" على إطعام المحتاج من الطعام.
(4)- +فَوَيْلٌ" فالوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم +لِلْمُصَلِّينَ" للمنافقين الذين يصلون، لاَ يريدون الله عز وجل بصلاتهم
(5)- +الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ" وهم في صلاتهم ساهون إذا صلوها؛ لاهون يتغافلون عنها، وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها، تضييعها أحيانا، وتضييع وقتها أخرى.
(6)- +الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ" الناس بصلاتهم إذا صلوا، لأنهم لاَ يصلون رغبة في ثواب، ولا رهبة من عقاب، وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنونهم منهم، فيكفون عن سفك دمائهم، وسبي ذراريهم، وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله ×، يستبطنون الكفر، ويُظهرون الإسلام.
(7)- +وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ" ويمنعون الناس منافع ما عندهم، ويمنعون أهل الحاجة والمسكنة ما أوجب الله لهم في أموالهم من الحقوق.
ســورة الكوثر
(1)- +إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ" يا محمد +الْكَوْثَرَ" هو اسم النهر الذي أُعطيه رسول الله × في الجنة، وصفه الله بالكثرة، لعِظَم قدره.
(2)- +فَصَلِّ لِرَبِّكَ" فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، +وَانْحَرْ" وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لاَ كفء له، وخصك به، من إعطائه إياك الكوثر.
(3)- +إِنَّ شَانِئَكَ" إن مبغضك يا محمد وعدوك +هُوَ الأبْتَرُ" هو الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره، الذي لاَ عقب له.
ســورة الكافرون
(1)- +قُلْ" يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة، على أن يعبدوا إلهك سنة +يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ" بالله.
(2)- +لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ" من الآلهة والأوثان الآن.
(3)- +وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ" الآن.
(4)- +وَلا أَنَا عَابِدٌ" فيما أستقبل +مَا عَبَدْتُمْ" فيما مضى.
(5)- +وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ" فيما تستقبلون أبدا +مَا أَعْبُدُ" أنا الآن، وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك، لأن الخطاب من الله كان لرسول الله × في أشخاص بأعيانهم من المشركين، قد علم أنهم لاَ يؤمنون أبدا، وسبق لهم ذلك في السابق من علمه، فأمر نبيه × أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه، وحدّثوا به أنفسهم، وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم، في وقت من الأوقات، وآيس نبي الله × من الطمع في إيمانهم، ومن أن يفلحوا أبدا، فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا، إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف، وهلك بعض قبل ذلك كافرا.
(6)- +لَكُمْ دِينُكُمْ" فلا تتركونه أبدا، لأنه قد ختم عليكم، وقضي أن لاَ تنفكوا عنه، وأنكم تموتون عليه، +وَلِيَ دِينِ" ولي ديني الذي أنا عليه، لاَ أتركه أبدا، لأنه قد مضى في سابق علم الله أني لاَ أنتقل عنه إلى غيره.
ســورة النصر
(1)- +إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ" إذا جاءك نصر الله يا محمد على قومك من قريش، +وَالْفَتْحُ" فتح مكة.
(2)- +وَرَأَيْتَ النَّاسَ" من صنوف العرب وقبائلها أهل اليمن منهم، وقبائل نزار +يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ" الذي ابتعثك به، وطاعتك التي دعاهم إليها +أَفْوَاجًا" زُمَرًا، فوجًا فوجًا.
(3)- +فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ" فسبح ربك وعظمه بحمده وشكره، على ما أنجز لك من وعده. فإنك حينئذ لاحق به، وذائق ما ذاق مَنْ قبلك من رُسله من الموت +وَاسْتَغْفِرْهُ" وسله أن يغفر ذنوبك؛ +إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" إنه كان ذا رجوع لعبده، المطيع إلى ما يحب.
ســورة المسد
(1)- +تَبَّتْ" خسرت +يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ" وخسر هو.
(2)- +مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ" أيّ شيء أغنى عنه ماله، ودفع من سخط الله عليه +وَمَا كَسَبَ" وهم ولده.
(3)- +سَيَصْلَى" أبو لهب +نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ"
(4)- +وَامْرَأَتُهُ" سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب، نارا ذات لهب، +حَمَّالَةَ الْحَطَبِ" كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله ×، ليدخل في قدمه إذا خرج إلى الصلاة.
(5)- +فِي جِيدِهَا" في عنقها +حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ" حبل جُمع من أنواع مختلفة؛ من ليف وحديد ولحاء، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع، وقيل: حبل من نار في رقبتها.
ســورة الإخلاص
(1)- +قُلْ" يا محمد لهؤلاء السائليك عن نسب ربك وصفته، ومَن خَلقه: الربّ الذي سألتموني عنه، +هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" الذي له عبادة كل شيء، لاَ تنبغي العبادة إلا له، ولا تصلح لشيء سواه.
(2)- +اللَّهُ" المعبود الذي لاَ تصلح العبادة إلا له +الصَّمَدُ" هو السيد الذي يُصمد إليه، الذي لاَ أحد فوقه.
(3)- +لَمْ يَلِدْ" ليس بفانٍ، لأنه لاَ شيء يلد إلا هو فانٍ بائد، +وَلَمْ يُولَدْ" وليس بمحدث لم يكن فكان، لأن كل مولود فإنما وجد بعد أن لم يكن، وحدث بعد أن كان غير موجود، ولكنه - تعالى - قديم لم يزل، ودائم لم يبد، ولا يزول ولا يفنى.
(4)- +وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" ولم يكن له شبيه ولا مِثْل.
ســورة الفلق
(1)- +قُلْ" يا محمد +أَعُوذُ" أستجير +بِرَبِّ الْفَلَقِ" برب الصبح.
(2)- +مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" أمر نبيه أن يستعيذ من شرّ كل شيء، إذ كان كلّ ما سواه، فهو ما خَلَق.
(3)- +وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ" ومن شرّ مظلم إذا دخل، وهجم علينا بظلامه، فكلّ غاسق، فإنه × كان يُؤمر بالاستعاذة من شره.
(4)- +وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ" ومن شرّ السواحر الّلاتي ينفُثن في عُقَد الخيط، حين يَرْقِين عليها.
(5)- +وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ" أمر النبيّ × أن يستعيذ من شرّ كلّ حاسد إذا حسد، فعابه أو سحره، أو بغاه سوءًا.
ســورة الناس
(1-2)- +قُلْ" يا محمد +أَعُوذُ" أستجير +بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ" وهو ملك جميع الخلق: إنسهم وجنهم، وغير ذلك، إعلاما منه بذلك من كان يعظم الناس تعظيم المؤمنين ربهم أنه ملك من يعظمه، وأن ذلك في مُلكه وسلطانه، تجري عليه قُدرته، وأنه أولى بالتعظيم، وأحقّ بالتعبد له ممن يعظمه، ويُتعبد له، من غيره من الناس.
(3)- +إِلَهِ النَّاسِ" معبود الناس، الذي له العبادة دون كل شيء سواه.
(4)- +مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ" الشيطان +الْخَنَّاسِ" الذي يخنِس مرّة ويوسوس أخرى، وإنما يخنِس عند ذكر العبد ربه.
(5)- +الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الجِنَّة والنَّاسِ" جِنِّهِم وإنسِهِم.
تم بحمد الله الانتهاء من جزء عم |